للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا يا قوم اسجدوا لله الذي يعلم ما تخفون وما تعلنون. فأما قراءة حفص بالتاء فيهما فإنّه حمله على الخطاب للمؤمنين والكافرين الذين تقدّم ذكرهم على لفظ الغيبة.

«١٢» وحجة من قرأ بالياء أنّ الكلام قبله جرى على لفظ الغيبة، في قوله:

«وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ﴾ ﴿فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ أَلاّ يَسْجُدُوا»، فجرى «يخفون ويعلنون» على مثال ذلك في لفظ الغيبة، فصار آخر الكلام كأوله في الغيبة، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه (١).

«١٣» قوله: ﴿فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ﴾ قرأه أبو عمرو وعاصم وحمزة بإسكان الهاء. وقرأ قالون بكسر الهاء، من غير بلوغ ياء. وقرأ الباقون بصلتها بياء في الوصل.

وحجة من قرأ بإسكان الهاء أنه نوى الوقف على الهاء وذلك بعيد لأنه ليس بموضع وقف، وقيل: هي لغة لبعض العرب، وذلك قليل، إنما جاء في الشعر، وقيل: إنّه توهّم الهاء (٢) لام الفعل، فألزمها ما يلزم لام الفعل في هذا من السكون للبناء، لأن لام الفعل إذا سكنت في الأمر فسكونها بناء، وهو أيضا قول ضعيف، وقد تقدّم ذكر هذا ونحوه.

«١٤» وحجة من وصلها بياء أنه لمّا رأى الهاء، وقد تحرّك ما قبلها، أثبت الحرف الذي بعدها، إذ لم يجتمع ما يقرب من الساكن. والياء بدل من واو، وهي الأصل في الزيادة لتقوية هاء الكناية، وذلك لكسرة ما قبل الهاء فبنى الكلمة في زيادة الياء على اللفظ، ولم ينظر إلى الأصل، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه.

«١٥» وحجة من وصل الهاء بكسرة، دون ياء، أنّه بنى الكلمة على


(١) التيسير ١٦٨، والحجة في القراءات السبع ٢٤٦، وتفسير النسفي ٣/ ٢٠٩، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٨٠ /ب.
(٢) ص، ر: «أن الهاء».