للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٣» قوله: ﴿النَّشْأَةَ﴾ قرأه ابن كثير وأبو عمرو بالمدّ والهمز بعد الألف، ومثله في والنجم والواقعة (١)، وقرأ الباقون بغير مدّ ولا ألف، وهما لغتان كالرأفة والرّآفة والكأبة والكآبة. وقيل: النشأة بغير مدّ اسم المصدر كالعطاء، والنشاءة بالمد هو المصدر كالإعطاء يدل على المدّة الثانية في الخلق كالكرّة الثانية، فهو مصدر صدر عن غير لفظ «ينشئ» ولو صدر عن لفظ «ينشئ» لقال: الإنشاءة الآخرة، والتقدير فيه: ثم الله ينشئ الأموات، فينشؤون النشأة الآخرة، فهو مثل قوله: ﴿وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً﴾ «آل عمران ٣٧»، ومثل قوله: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً﴾ «المزمل ٨»، ومثل قوله: ﴿وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً﴾ «نوح ١٧» فافهمه (٢).

«٤» قوله: ﴿مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ﴾ قرأه أبو عمرو وابن كثير والكسائي برفع «مودة» غير منون، وخفض «بينكم»، على الإضافة، وقرأ حمزة وحفص بالنصب والإضافة. وقرأ الباقون بنصب «مودة» والتنوين، ونصب «بينكم».

وحجة من رفع وأضاف أنه جعل «ما» في قوله: ﴿إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ﴾ اسم إنّ، وأضمر «هاء» مع «اتخذتم» تعود على «ما» وجعل «مودة» خبر إنّ.

والتقدير: وقال إن الذين اتخذتموهم أوثانا مودة بينكم، فعدّى «اتخذتم» إلى مفعولين، على إضمار ما يجب له، فتكون «المودة» هي ما اتّخذوه أوثانا، على الاتساع، وتحقيقه أن الذين اتخذتموهم أوثانا ذوو مودة بينكم.

«٥» وحجة من نصب وأضاف، أو لم يضف، أنه جعل «ما» كافة ل «إنّ» عن العمل، فلم يحتج إلى إضمارها، وجعل «اتخذ» تعدّى إلى مفعول واحد، وهو «الأوثان» ونصب «مودة»، على أنه مفعول من أجله، أي اتخذتم الأوثان للمودة، والإضافة على الاتساع، والتنوين على الأصل، ونصب «بينكم» على الظرف، أو على أنه صفة ل «مودة» وقد شرحنا إعراب هذه


(١) حرفا هاتين السورتين هما: (آ ٤٧، ٦٢).
(٢) راجع سورة النور، الفقرة «٢»، وانظر زاد المسير ٦/ ٢٦٥.