للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحجة من قرأ بالفتح أنه بنى الفعل للفاعل، ففي «فزّع» ضمير الفاعل، عائد على اسم الله، والمعنى: حتى إذا جلّى الله الفزع عن قلوب الملائكة، أي أزاله، قالوا: ماذا قال ربّكم، وذلك فيما روي أن الملائكة تفزع إذا علمت أن الله أوحى بأمر فتفزع منه أن يكون في أمر الساعة، فإذا جلّى الله الفزع عن قلوبهم بأنّ ذلك الوحي ليس في أمر الساعة، سألوه عن الوحي ما هو، فقالوا:

ماذا قال ربكم، فيجاوبهم جبريل، فيقول: قال الحق، وأخبر عنه بلفظ الجمع لجلالته وعظم قدره.

«١٦» وحجة من ضمّ الفاء أنه بنى الفعل للمفعول، فأقام المجرور مقام الفاعل، وهو «عن قلوبهم»، والمعنى على ما تقدّم، والضمّ الاختيار، لأن الجماعة عليه (١).

«١٧» قوله: ﴿وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ﴾ قرأه حفص وحمزة والكسائي بالنون، وكسر الزاي، ونصب «الكفور»، على الإخبار عن الله جلّ ذكره عن نفسه، حملا على ما أتى بعده من الأخبار [عن الله جل ذكره عن نفسه] (٢) في قوله: ﴿وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ﴾ «١٨» وقوله: ﴿بارَكْنا﴾، وعلى ما قبله أيضا في قوله: ﴿فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ﴾ «١٦» و ﴿بَدَّلْناهُمْ﴾ و ﴿جَزَيْناهُمْ﴾ فحسن حمل الكلام على ما قبله وما بعده، فالكفور منصوب بوقوع الفعل عليه، وهو «نجازي».

وحجة من قرأ بالياء والرفع، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه أنه بنى الفعل للمفعول، فرفع «الكفور»، لأنه مفعول لم يسمّ فاعله، والناس كلهم يجازون بأعمالهم، لكن المؤمن يكفّر الله عنه سيئاته الصغائر باجتنابه الكبائر، والكافر لا تكفير لسيئاته الصغائر، لأنه لم يجتنب الكبائر، إذ هو على الكفر، والكفر أعظم الكبائر، فلذلك خصّ الكافر بذكر المجازاة في هذه الآية،


(١) التيسير ١٨١، والنشر ٢/ ٣٣٦، والحجة في القراءات السبع ٢٦٧ - ٢٦٨، وزاد المسير ٦/ ٤٥٢، وتفسير ابن كثير ٣/ ٥٣٦، وتفسير النسفي ٣/ ٣٢٤، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٨٩ /أ - ب.
(٢) تكملة موافقة من: ص.