للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«الأنبياء ٤٩» وقيل: المعنى: إنا أخلصناهم بأن يذكروا، فخفّف في الدنيا بالثناء الحسن، وهو قوله: ﴿وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ﴾ «الصافات ١٠٨، ١٠٩»، وقول إبراهيم: ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾ «الشعراء ٨٤»، ف «ذكرى» في هذين الوجهين في موضع نصب ب «خالصة»، ويجوز أن تكون «ذكرى» في موضع رفع على معنى: أخلصناهم بأن خلصت لهم ذكرى الدار، أي: خلص لهم ذكر معادهم والاستعداد له، والتنوين في المصدر واسم الفاعل وتركه سواء في المعنى، والأصل التنوين، وهو أحبّ إليّ، لأنه الأصل، ولأن عليه الجماعة (١).

«٦» قوله: ﴿ما تُوعَدُونَ﴾ قرأه ابن كثير وأبو عمرو بالياء على الغيبة، لتقدّم ذكر المتقين، وهم غيّب، وقرأ الباقون بالتاء على معنى الخطاب للمؤمنين على معنى: قل لهم يا محمد هذا ما توعدون، [وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه] (٢).

«٧» قوله: ﴿وَغَسّاقٌ﴾ قرأه حفص وحمزة والكسائي بالتشديد، ومثله في «عَمَّ يَتَساءَلُونَ» (٣) وقرأهما الباقون بالتخفيف.

وحجة من شدّد أنه جعله صفة، قامت مقام الموصوف، كالأبرق والأبطح، والتقدير: فليذوقوه شراب حميم وشراب غساق، فالحميم الذي بلغ في حرّه غايته، والغسّاق ما يجتمع من صديد أهل النار، وهو مشتق من «غسقت عينه» إذا سالت، ويجوز أن يكون جعله اسما كما يسيل من صديد أهل النار كالقذّاف والجبّان، فالصفة في «فعّال» أكثر منه في «فعال».

«٨» وحجة من خفّف أنه جعله اسما للصديد، و «فعال» في الأسماء كثير، وهو أكثر من «فعّال» في الأسماء، فهو أولى القراءتين لكثرته، ولئلا


(١) الحجة في القراءات السبع ٢٨٠، وزاد المسير ٧/ ١٤٦، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٩٥ /أ، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٢٠١ /أ.
(٢) تكملة لازمة من: ص، ر، ومر من هذا الحرف نظائر كثيرة راجع سورة البقرة، الفقرة «٥٤».
(٣) حرفها هو: (آ ٢٥)، وسيأتي أيضا في سورته، الفقرة «٥».