للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يدخل في التشديد الى إقامة صفة مقام موصوف، ولأن الأكثر عليه (١).

«٩» قوله: ﴿وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ﴾ قرأ أبو عمرو بضمّ الهمزة على الجمع، لكثرة أصناف العذاب التي يعذّبون بها غير الحميم والغساق، ويجوز أن يكون أراد ب «أخر» الزّمهرير، ولكن جمع، لأن بعضه أشد بردا من بعض، وهو أجناس في معناه، وواحد في لفظه، فجمع على المعنى، وقرأ الباقون بالتوحيد والمدّ، وورش أشبع مدّا فيه على أصله المتقدّم الذكر، وإنما وحّد على أنه أريد به الزمهرير، وهو واحد في اللفظ. وقوله «من شكله» يدلّ على التوحيد، ولو كان على الجمع لقال «من شكلها» فمن قرأ بالجمع رفعه على الابتداء، و «من شكله» صفة للمبتدأ، و «أزواج» خبر الابتداء، فهو جمع خبر عن جمع. ومن قرأ بالتوحيد رفعه بالابتداء، و «من شكله» الخبر، و «أزواج» رفع بالابتداء، و «من شكله» الخبر، والجملة خبر عن «آخر» ولا يحسن أن يكون «أزواج» خبرا عن «آخر»، لأن الجمع لا يكون خبرا عن واحد، وقد شرحنا إعراب هذه الآية في كتاب تفسير مشكل الإعراب بأبين من هذا (٢).

«١٠» قوله: ﴿مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ﴾ قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي بوصل الألف من «اتخذناهم»، وقرأ الباقون بالهمز.

وحجة من وصل أنه استغنى عن الألف بما دلّ عليه الكلام من التقرير والتوبيخ، وبدلالة «أم» بعده على الألف، ويجوز أن يكون جعله خبرا، لأنهم قد علموا أنهم اتخذوا المؤمنين في الدنيا سخريا، فأخبروا عما فعلوه في الدنيا ولم يستخبروا عن أمر لم يعلموه، ودلّ على ذلك قوله في موضع آخر: ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ﴾


(١) معاني القرآن ٢/ ٤١٠، وإيضاح الوقف والابتداء ٨٦٣، وزاد المسير ٧/ ١٥٠، وتفسير غريب القرآن ٣٨١، وتفسير ابن كثير ٤/ ٤١، وتفسير النسفي ٤/ ٥٤.
(٢) ر: «بأشبع من هذا وأبين»، وانظر تفسير مشكل إعراب القرآن ٢٠١ /ب والحجة في القراءات السبع ٢٨٠ - ٢٨١، وتفسير ابن كثير ٤/ ٤٢.