للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٣» قوله: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ﴾ قرأ نافع بالنون ونصب «الأعداء» على الإخبار من الله جلّ ذكره عن نفسه، ردّه على قوله: ﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ «١٨» فعطف مخبرا عن نفسه على مخبر عن نفسه، وهو (١) هو، فذلك أحسن في مطابقة الكلام وبناء آخره على أوله، ونصب «الأعداء» بوقوع الفعل عليهم، وهو «نحشر». وقرأ الباقون بياء مضمومة، على لفظ الغيبة، على ما لم يسمّ فاعله ورفع «الأعداء» لقيامهم مقام الفاعل. فحمل الكلام على المعنى، لأن غيرهم من الملائكة يحشرهم، كما قال: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ «الصافات ٢٢»، ويقوّي ذلك أن بعده فعلا لم يسمّ فاعله أيضا، وهو قوله: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾، فجرى الفعلان على سنن واحد، فذلك أليق. وهو الاختيار، لأن عليه الجماعة (٢).

«٤» قوله: ﴿ءَ أَعْجَمِيٌّ﴾ قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي بهمزتين محقّقتين، وقرأ هشام بهمزة واحدة على الخبر، وقرأ الباقون بهمزة ومدّة، على ما تقدّم من أصولهم في التخفيف، وقد تقدّمت علل ذلك في أبواب الهمز، والذي يجب أن يؤخذ في هذا لابن ذكوان أن يخفّف الثانية بين بين، ويدخل بينهما ألفا على ما قدّمنا من العلل لهشام وأبي عمرو وقالون في تخفيفهم الثانية في «أأنذرتهم» وشبهه، وإدخال ألف بين الهمزتين، فأما قراءة هشام هنا بهمزة على الخبر فإنه جعل الكلام كله خبرا، حكاية عن قول الكفار أنهم قالوا: لولا فصلت آيات القرآن بعضه أعجمي وبعضه عربي، فيعرف العربي ما فيه من العربي، ويعرف العجمي ما فيه من العجمي، ومعنى القراءة بالاستفهام أنه على الإنكار منهم لذلك، لأنه قال: ﴿وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا﴾ منكرين: أقرآن أعجمي ونبي عربي، كيف يكون هذا، فأخبر عمّا لم يكن لو كان كيف يكون، فبيّن أنه لو أنزل القرآن بلسان العجم لقالت


(١) ب، ص: «هو» وبالواو وجهه كما في: ر.
(٢) الحجة في القراءات السبع ٢٩١، وزاد المسير ٧/ ٢٤٩، وتفسير النسفي ٤/ ٩٢، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٢٠٦ /أ.