للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحجة من قرأ بياء أنه حمله على لفظ الغيبة والإخبار عن الله جلّ ذكره في قوله: ﴿وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ﴾ «١٧»، وقوله: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ﴾.

«٨» وحجة من قرأ بالنون أنه أجراه على الإخبار من الله جلّ ذكره عن نفسه، وقد تقدّم له نظائر، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه (١).

«٩» قوله: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ﴾ قرأه ابن كثير وهشام بهمزة ومدّة، وقرأ ابن ذكوان بهمزتين محقّقتين، وقرأ الباقون بهمزة واحدة، على لفظ الخبر.

وحجة من قرأه بهمزة ومدّة أنه أجرى الكلام على معنى التقرير والتوبيخ الذي يأتي بلفظ الاستفهام، فلمّا أدخل ألف الاستفهام على ألف القطع خفّف ألف القطع، فجعلها بين الهمزة والألف، لأنها مفتوحة قبلها فتحة، فهذه الترجمة لابن كثير. وأما هشام فإنه يفعل كذلك، لكنه يدخل بين الهمزتين ألفا ليفرّق بينهما، لأن المخفّفة بزنة المحققة، كما يفعل في «أأنذرتهم وأقررتم» وشبهه.

وقد مضى الكلام على الأصل والحجة فيه. ومن أصل هشام أن لا يحقق الهمزتين المفتوحتين من كلمة نحو «أأنذرتهم وأأنت قلت»، ففعل في هذا كما يفعل في غيره من التخفيف وإدخال الألف بين الهمزتين، ويقوّي لفظ الاستفهام في هذا إجماعهم على الإتيان بألف الاستفهام في قوله: ﴿أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ﴾ «الأنعام ٣٠»، فهو مثله، ومعناه التنبيه والتقرير، وفي الموضعين إضمار القول، فالمعنى: يقال لهم أذهبهم، ويقال لهم: أليس هذا بالحق.

«١٠» وحجة من حقّق أنه أتى على الأصل كما في «أأنذرتهم وأقررتم» وشبهه. فمن أصل ابن ذكوان أن يحقّق الهمزتين المفتوحتين من كلمة، نحو ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ﴾، و ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ فجرى في (٢) هذا الموضع على أصله فحقق الهمزتين.


(١) راجع سورة آل عمران، الفقرة «٣٥ - ٣٧»، وانظر زاد المسير ٧/ ٣٨٢، وتفسير النسفي ٤/ ١٤٤.
(٢) ص: «الكلام في». الكشف: ١٨، ج ٢.