للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه، وقد تقدّم له نظائر كثيرة. ومستقبل «فرغ» يقال فيه: يفرغ بالضم، وبه جاء القرآن، ويقال فيه: يفرغ (١)، بالفتح، من أجل حرف الحلق. وحكى الأخفش أن بني تميم يقولون: فرغ يفرغ، مثل: علم يعلم. ومعنى الفراغ في الآية القصد، وليس معناه الفراغ من شغل، تعالى الله عن أن يشغله شيء، ويدلّ على ذلك أن في حرف أبيّ (٢) «سنفرغ إليكم»، و «قصد» يتعدّى ب «إلى»، ولا يتعدى «فرغ» ب «إلى» إذا كان من الفراغ من الشغل.

فهي تعديته ب «إلى» دليل على أنه ليس من الفراغ من شغل، أو أنه بمعنى «سنقضد»، والنون أحب إليّ، لأن الأكثر عليه (٣).

«٩» قوله: ﴿مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ﴾ قرأه أبو عمرو وابن كثير «ونحاس» بالخفض، ورفعه الباقون.

وحجة من رفعه أنه عطفه على «الشواظ»، و «الشواظ» اللهب، و «النحاس» والدخان، فالمعنى: يرسل عليكما لهب من نار، ويرسل عليكم دخان، فهو المعنى الصحيح، وهو الاختيار.

«١٠» وحجة من خفضه أنه عطفه على «نار»، فجعل «الشواظ» يكون من «نار»، ويكون من «دخان»، وفيه بعد في المعنى، لأن اللهب لا يكون من الدخان. وحكي (٤) عن أبي عمرو أنه قال: لا يكون «الشواظ» إلاّ من نار وشيء آخر، يعني: من نار ودخان، فتصحّ القراءة بخفض «النحاس» على هذا التفسير. وحكى الأخفش أن بعض العلماء قال: لا يكون «الشواظ» إلا من النار والدخان. وقد قيل: إن تقدير القراءة بخفض «النحاس» يرسل عليكما «شواظ» من نار وشيء من «نحاس»، أي: من دخان، ثم حذف الموصوف، وقامت الصفة مقامه.

«١١» قوله: ﴿شُواظٌ﴾ قرأه ابن كثير بكسر الشين، وضمها الباقون،


(١) قوله: «يقال فيه .. يفرغ» سقط من: ر.
(٢) ر: «ابن مسعود».
(٣) راجع سورة البقرة، الفقرة «١٩١ - ١٩٥»، وزاد المسير ٨/ ١١٥، وتفسير النسفي ٤/ ٢١١، وتفسير القرطبي ١٧/ ١٦٨.
(٤) ص: «وحكى الناس».