للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرائي، إنما أراد الجزاء عليه، وقيل: المعنى «يرى جزاءه»، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وهو من فصيح كلام العرب، وهو قول حسن.

«٢» وحجة من شدّد «عرّف» أنه حمله على معنى أنه عرّفها النبي بعضه، فأخبرها أنها أفشت عليه، وأعرض عن بعض تكرّما منه ، والتشديد الاختيار، لأن الجماعة عليه، وقوله: ﴿وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ﴾ يدلّ على التشديد، أي: عرّفها ببعض وأعرض عن بعض، فلم يعرّفها به، ولو كان «عرف» مخففا لقال: وأنكر بعضا، لأن الإنكار ضد المعرفة، والإعراض ضد التعريف، فقوله: ﴿أَعْرَضَ﴾ يدل على التعريف لأنه نقيضه (١).

«٣» قوله: ﴿تَوْبَةً نَصُوحاً﴾ قرأه أبو بكر بضمّ النون، وفتح الباقون، وحجة من ضمّ أنه جعله مصدرا أتى على «فعول»، وهو قليل، كما أتى مصدره أيضا على «فعالة»، قالوا: نصح نصاحة، فهذا نادر، كذلك «فعول» فيه نادر، وأنكره الأخفش، وقد قالوا: ذهب ذهوبا، ومضى مضيا، والتوبة على هذا موصوفة بالمصدر، كما قالوا: رجل عدل ورضى.

«٤» وحجة من قرأ بالفتح أنه المصدر المعروف المستعمل في مصدر «نصح»، وهو الاختيار، لأن الجماعة عليه. وحكى الأخفش «نصحته» بمعنى «صدقته» وقال: توبة نصوحا، أي: صادقة (٢).

«٥» قوله: ﴿وَكُتُبِهِ﴾ قرأه أبو عمرو وحفص «وكتبه» بالجمع، لكثرة كتب الله، فحمل على المعنى، لأن مريم لم تؤمن بكتاب واحد بل آمنت بكتب الله كلها، ولمّا قال ب «كلمات»، فجمع بلا اختلاف، وجب مثله في «وكتبه»


(١) التبصرة ١١٣ /ب، والتيسير ٢١٢، والنشر ٢/ ٣٧٢، والحجة في القراءات السبع ٣٢١، وزاد المسير ٨/ ٣٠٩، وتفسير ابن كثير ٤/ ٣٨٦، وتفسير النسفي ٤/ ٢٧٠، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٢٣٩ /ب، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١١٢ /ب، والكشف في نكت المعاني والإعراب ١٣٦ /أ.
(٢) زاد المسير ٨/ ٣١٣، وتفسير النسفي ٤/ ٢٧١.