للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«١٠» وحجة من رفع «الإستبرق» أنه عطفه على «الثياب»، أي:

عاليهم إستبرق، أي: ثياب إستبرق، لكنه حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، فهو مثل قولك: على زيد ثوب خزّ وكتان، أي: وثوب كتان، ثم حذف المضاف.

«١١» وحجة من خفض «وإستبرق» أنه عطفه على «سندس»، لأنه جنس من الثياب مثله، فلا يكون في الكلام حذف، فهو بمنزلة قولك: عندي ثياب خزّ وكتان، أي: من هذين النوعين. فالمعنى: فوقهم ثياب من هذين النوعين، أي: من السندس ومن الإستبرق، ولا يحسن عطف «وإستبرق» على «خضر» في قراءة من خفضهما جميعا، لأنك توجب أن يكون «الإستبرق» من صفة «السندس»، والجنس لا يكون صفة لجنس آخر، لأنه يلزم منه أن يكونا جنسا واحدا، وليسا كذلك، هما جنسان: السندس مارقّ من الدّيباج، والإستبرق ما غلظ منه (١).

«١٢» قوله: ﴿وَما تَشاؤُنَ﴾ قرأه نافع والكوفيون بالتاء، على الخطاب العام لكافة الخلق، لأنهم لا يشاؤون شيئا إلاّ بمشيئة الله. فإذا شاء شيئا، وأراد أن يشاءه خلقه شاءه، إذ لا يكون شيء إلاّ بمشيئة الله، ولو جرت (٢) الحوادث على غير مشيئة الله لفسدت السماوات والأرض، ولوجب العجز والغلبة، ولبطل التوحيد، فما أضل من يجيز حدوث شيء من جميع الأشياء بغير مشيئة الله، وهم المعتزلة. وقرأ الباقون بالياء على الغيبة، ردّوه على قوله:

﴿فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ «٢٩» وعلى قوله: ﴿نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ﴾ «٢٨» (٣).


(١) الحجة في القراءات السبع ٣٣١ - ٣٣٢، وزاد المسير ٨/ ٤٣٩ - ٤٤٠، وتفسير غريب القرآن ٥٠٤، وتفسير النسفي ٤/ ٣٢٠، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٢٥٠ /أ، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١١٦ /أ - ب.
(٢) ب، ر: «حدثت» ورجحت ما في: ص.
(٣) التيسير ٢١٨، والنشر ٢/ ٣٧٩، والحجة في القراءات السبع ٣٣٢، وزاد المسير ٨/ ٤٤١، وتفسير النسفي ٤/ ٣٢١.