للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«٢» فإن قيل: فإلاّ نحي (١) بذوات الواو نحو الواو ليدلّ ذلك على أصل الألف، كما نحي بذوات الياء نحو الياء، ليدلّ ذلك على أصل الألف؟ فالجواب: أن الفتحة من الألف، والألف بعيدة من مخرج الواو، فلو نحوت بالفتحة في: دعا، ودنا، ونحوهما، وقال، وخلا، ونحوهما، نحو الضمة، لتقرّب الألف نحو الواو، التي هي أصلها لجمعت بين طرفين متباعدين، الفتحة من الألف، والضمة من الواو، وهذا بعيد قبيح في الجواز، وعلى منعه أكثر العرب.

«٣» فإن قيل: فكيف جاز في إمالة ذوات الياء أن ينحى بالفتحة نحو الكسرة، لتقرب الألف نحو الياء، لتدل على أن أصل الألف الياء، والفتحة من الألف، والكسرة من الياء. فالجواب أن الألف أقرب إلى الياء في المخرج منها إلى الواو، لأن الواو من الشفتين، والياء من وسط اللسان، فالياء قريبة من الألف، والكسرة من الياء، فحسن أن تقرّب الفتحة، التي هي من الألف، إلى الكسرة، التي هي من الياء، لتقرب الألف، التي بعد الفتحة، إلى الياء التي هي أصلها، لقرب ما بين الألف والياء، وبعد ذلك في الضمة مع الفتحة لبعد الواو من الألف، وأيضا فإن الألف تؤاخي الياء في الخفة، وتبعد من الواو لثقل الواو، فحسن تقريب الفتحة، التي هي من الألف، إلى الكسرة، التي هي من الياء، لمؤاخاة الألف الياء في الخفّة، وبعد ذلك من الواو لبعد الواو من الألف في الثقل.

«٤» وعلة أخرى في منع إمالة ذوات الواو، وذلك أنك لو قرّبت الفتحة نحو الضمة في: دنا (٢) ودعا، وشبههما، لتقرب الألف نحو الواو، التي هي الأصل، لوجب كون واو متطرفة قبلها حركة، وذلك لا يوجد في كلام العرب، ليس في الكلام واو متطرفة ملفوظ بها قبلها حركة.


(١) ص: «لم لا ينحى».
(٢) ب: «ندا» وتصويبه من: ص، ر.