كتب هؤلاء الأئمة أو للنقص في نسخ كتبهم الموجودة بين أيدينا المطبوعة والمخطوطة.
٦ - تجرّد المصنِّف من التقليد واستعمل منهج النقد، ممّا جعل كتابه ينال منزلةً ساميةً، خاصة في نقله لرواية يحيى بن يحيى الليثي، وردّه على إمام الأئمة في هذا الشأن وهو ابن عبد البر، ومثال ذلك الحديث الأول من هذا الكتاب، وغيره (١).
المبحث الرابع: منهج المصنِّف في الكتاب.
إنَّ الناظر في كتب الأئمة المتقدّمين يجد أنَّهم نهجوا ثلاتة مناهج في التأليف، فبعضُهم يذكر في ديباجة كتابه منهجَه الذي يسير عليه في تأليفه مستوعبًا، كفعل الإمام مسلم ﵀، وبعضهم يذكر منهجًا متوسطًا لا يُسهب في ذكر كلِّ ما اشتمل عليه كتابه، كفعل الترمذي في السنن، وآخرون يدخلون في صلب الكتاب مباشرة دون ذِكر مقدِّمةٍ يشرح فيها منهجه الذي يسير عليه، وإنَّما يتركه لفطنة القارئ وحُسن فهمه، كفعل الإمام البخاري ﵀ في صحيحه.
وأمَّا أبو العباس الداني فقد ذكر في مقدِّمة كتابه منهجه الذي يسير عليه، ولم يستوعب ذكرَ كلِّ الجزئيات والتفاصيل، وإنَّما اكتفى بذكر أهمِّ النقاط في ذلك فقال رحمه الله تعالى:
"الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمّد خاتَم النّبيّين، وعلى آله
(١) انظر مثال ذلك: (٢/ ٢١، ٦٠ - ٦١، ١١٩)، (٣/ ٤٣٠)، (٣/ ٥٩٢ - ٥٩٣).