للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا حولَه مِن أكثرِ وِلدان رأيتُهم قطُّ وأحسنِه، قال: قلت: ما هذا وما هؤلاء؟ ... "، -وذكرَ كلامًا- ثمَّ قال في تفسيرِ ذلك: "وأمَّا الرَّجلُ الطويلُ الذي في الروضةِ فإنه إبراهيمُ عليه السلام، وأمَّا الولدان الذين حولَه فهو كلُّ مولودٍ مات على الفِطرة. فقيل: يا رسول الله! وأولادُ المشركين؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: وأولادُ المشركين" خرَّجه البخاري، وهذا كحديثِ الإسراء، ومُقتضاه أن الولدان في الجَنَّةِ مع النَّبِيِّين.

وفي حديثِ خَنساءَ بنتِ معاوية، عن عمِّها قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "النبي في الجَنَّةِ، والشهيدُ في الجنة، والمولودُ في الجَنّةِ، والوَئِيدُ في الجنة" خَرَّجه أبو داود، وقاسِمُ بنُ أصبغ، وابنُ أبي شيبة.

وهذه أَخبارٌ تَعُمُّ جميعَ الأطفالِ، أولادُ المؤمنين وأولادُ الكافرِين، وأمَّا ما يَخُصُّ أولادَ المؤمنين فكثيرٌ، مِن ذلك حديثُ أنسٍ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِن الناسِ مسلمٌ يموتُ له ثلاثةٌ من الولَدِ لَم يبلُغُوا الحِنثَ إلَّا أدخله الله الجَنَّةَ بفضلِ رحمتِه إيّاهم"، خَرَّجه البخاري، وخَرَّج النسائي عن أبي هريرةَ نحوَه وزاد فيه: "قال: يُقال لهم: ادخُلُوا الجَنَّةَ، فيقولون: لا، حتى يَدخلَ أبوانا. فيُقال لهم: ادخلُوا الجَنّةَ أنتم وآباؤكم".

وقد وَرَدَ في أولادِ الكفارِ أنّهم خَدَمٌ لأَهلِ الجنة. وجاء أنّهم يُمتَحنون يومَ القيامةِ بالأمرِ بدخول النار، ورُويَ أنَّهم مع آبائِهم، وهذا في أحكام الدنيا خاصَّة، ولولاَ شرط الاخَتصارِ لتَقَصَّينا تلكَ الأخبار، والأصلُ ما ذكرناه وما صحَّ مِن الآثارِ، وقَلَّ ما يُخالِفُ معناه" (١).


(١) انظر: (٣/ ٣٧٩ - ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>