للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى المراكشي بإسناده إلى أبي الحسن بن أحمد بن أبي القوة، عن أبيه قال: "صليتُ وأنا شابٌّ صغير بالناس في قيام رمضان، فسجدتُ بهم لى سورة الحج سجدتين (١)، فلما سلّمت قال لي رجل من القوم: ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين. قال: فقلت له: لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين. فلما كان من الغد ذكرتُ هذا الجواب لأبي العباس بن طاهر الفقيه، وكنتُ حينئذ أقرأ عليه، فأعجبَه واستظرفه وضحك عليه" (٢).

وسأعرض في هذا البحث بعضَ المسائل التي تكلّم عليها المصنِّف، وأشار فيها إلى مذهبه، لعلّ ذلك ممّا ييسِّر الوقوف على مذهبه الفقهي، علمًا بأنَّ المصنِّف كان من المفتين والفقهاء المشاورين في بلده، وتولى خطّة الشورى، وعُرض عليه القضاء فأبى، كما تقدّم، وكذلك لم يقع لنا من تصانيفه إلَّا هذا الكتاب، وكان له غيره، فلذلك لا يستطيع الباحث الجزم بفقهه ومذهبه الذي كان عليه، إلَّا أنَّ كلامه السابق، وما سيأتي يعطينا صورة واضحة أنَّه كان متجرِّدًا من التمذهب والتعصّب بغير دليل .

المسألة الأولى: قراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية والسرية.

رجّح فيها أنَّ المأموم يقرأ الفاتحة خلف إمامه في القراءة الجهرية، واستدلَّ لذلك بعدّة أدلة، وردَّ على قول مالك في ذلك، ثم ذكر أنَّه قول عمر بن الخطاب ومكحول، وختم ذلك بقوله: "والحجَّةُ في قولِ النبيِّ


(١) وهو خلاف مذهب المالكية.
(٢) الذيل والتكملة (١/ ١/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>