للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقيدتهم، وأنَّه كان متَّبعًا للكتاب والسنة في ذلك، رحمه الله وأجزل له المثوبة.

المبحث الخامس عشر: مذهبه الفقهي.

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: "يميل في فقهه إلى الظاهر" (١).

قلت: لم يتكلَّم المصنِّف في كتابه هذا عن المسائل الفقهية وترجيحاته إلا نادراً، بل كان يضير إلى اختياراته إشارة وتلويحًا دون التصريح (٢)، ومن خلال تتَبُّعي لما أشار إليه من المسائل الفقهية في كتابه تبيّن لي أنَّ المصنِّف كان يميل في فقهه إلى الأخذ بالدليل سواء خالف ما كان عليه المذهب في الديار الأندلسية وهو المذهب المالكي أو وافقه، وصرّح المصنِّف بهذا المنهج الذي اتَّبعه فقال بعد أن رجّح القول بقراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام وهو خلاف ما عليه المالكية كما سيأتي، قال: "والحُجَّةُ قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ في قولِ مَن سِواه، ومَن انتَهى إلى قولِه وأَمْرِه فقد كَفاه" (٣).

وهذا المنهج الذي كان عليه المصنِّف تبعه عليه تلامذته، وسأذكر قصة طريفة وقعت لأحد تلامذته مع بعض المتعصّبين لمذهب مالك في الأندلس، قد تعطي لنا تصوّرًا عمَّا كان يجري من خلافات بين القلّدة وبين من كان سبيله وديدنه اتِّباع الدليل، والأخذ. مما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون التقيّد والتقليد لأحد سواه - صلى الله عليه وسلم -.


(١) الغنية (ص: ١١٨).
(٢) انظر أمثلة ذلك في مبحث: منهجه في الكتاب (١/ ١٥٧).
(٣) انظر: (٣/ ٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>