للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي تقتضيه الأصول، وعليه الجمهور (١)، وقد حدّث ابن عمر بقول النبي : "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، فقال له ابنه: إذًا يتّخذنه دَغَلًا (٢)، فزبره (٣) عبد الله، ورأى ذلك معارضة، خُرّج هذا في الصحيح (٤).

وأما عدم المنع الذي يقتضي الإباحة فلم تفصح به عائشة ههنا، وإنما يتلقى من قولها بدليل الخطاب، ولا يثبت بمثله خبر، ولو صرّحت بما يقتضيه دليل الخطاب فقالت: ما منع رسول الله النساء المساجد لم يُوجب النظرُ إلحاقَه بالمرفوع؛ لأنَّه نفي لمحتمل لا يحاط بعلمه، وقد يحتمل أن يكون منعهن المساجد في وقت، ولم يبلغ عائشة المنع.

وإنما للقائل أن يقول: ما أعلمه منع، أو يقول: نهى عن المنع، أو أباح خروجهن أو أمر به.

ومن الصريح في مثل هذا حديثُ ابن عمر: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، وقد تقدّم في مسنده (٥).


(١) أي أن عدم المنع هو الذي تقتضيه الأدلة، وعليه جمهور أهل العلم إلا أنهم اشترطوا لذلك شروطا بأن لا يخرجن متعطرات، أو متبرجات، أو لابسات لزينة، وأن لا يخشى عليهن أو بهن فتنة.
انظر: الإحسان (٥/ ٥٨٧ - ٥٩٠)، التمهيد (٢٣/ ٤٠١ - ٤٠٣)، وشرح السنة للبغوي (٢/ ٤٢١)، فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٩/ ٢٩٦)، شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ١٦١ - ١٦٢)، فتح الباري لابن رجب (٥/ ٣١٩)، طرح التثريب (٢/ ٣١٦ - ٣١٧)، إكمال إكمال المعلم (٢/ ١٨٧)، الإفصاح لابن هبيرة (١/ ١٥١).
(٢) الدَغَل -بفتح الدال المهملة والغين المعجمة-: الفساد والخداع والريبة. النهاية (٢/ ١٢٣)، فتح الباري (٢/ ٤٠٥).
(٣) زبره: أي نهره وأغلظ له في القول والردّ. النهاية (٢/ ٢٩٣).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة (١/ ٣٢٧) (رقم: ١٣٨).
(٥) تقدَّم (٢/ ٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>