للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أيضًا حديث صالح بن خَوَّات، عن مَن صلَّى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ ذاتِ الرِّقاع صلاةَ الخوف، ثم قال: " لم يُسَمِّ صالِحٌ في هذه الرواية مَن حدَّثه بالحديثِ، وخُرِّج هكذا في الصحيحين من طريق مالك، وهو حديث مسنَدٌ صحيحٌ؛ لأنَّ صالحًا تابعيٌّ، سَمع سَهلَ بنَ أبي حثمة وغيرَه من الصحابة، ولا يَخفى عليه من صَحِبَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وشَهِدَ معه المشاهدَ، مِمَّن يَدَّعِي ذلك كاذبًا، ولو اتُّهِم في مثلِ هذا لاتُّهِمَ في حديثِه. قال الأثرمُ: قلتُ لأحمد بن حنبل: " إذا قال رجلٌ من التابعين: حدَّثني رجلٌ مِن أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولَم يُسَمِّه فالحديثُ صحيحٌ؟ قال: نعم" (١).

هذا ما تبيّن لي من منهج المصنف في كتابه، وقد راعيتُ في ذكر ذلك إيرادَ بعض الأمثلة فقط خشيةَ التطويل، وعلى العموم فالمصنِّف تكلّم على كلِّ حديث بما رآه مناسبًا مراعيًا في ذلك ذكرَ فوائده الحديثية مِن اختلافٍ في الروايات، أو الأسانيد، أو تعليلِ روايةٍ وتصويبِ أخرى، أو بيانِ حال الرواة، وغير ذلك من أنواع علوم الحديث المبثوثة في كتابه، كما أنَّه لم يخلِ كتابَه من الفوائد الفقهية والعقدية، وكذا شرح الكلمات الغريبة وغير ذلك، فالكتاب موسوعة مختصرة فيه فوائدُ علمية جمَّة يجتنيها الباحث، فكلُّ حديث تناول المصنِّفُ فيه علمًا من العلوم، فالقارئ لا يملُّ من قراءته، والباحث يجد فيه بغيته، نسأل الله أن يجزيَ مصنِّفَه خير المجزاء، والله أعلى وأعلم.


(١) انظر: (٣/ ٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>