للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس عند يحيى بن يحيى في هذا الحديث قوله: "عن أبيه"، وإنما عنده: "عن ابن محيّصة أنه استأذن ... "، جعل الحديث لشيخ الزهري -وهو حرام بن سعد-، وزعم أنه الذي استأذن، وذلك مستحيل؛ إذ ليست لحرام صحبة، ولا لأبيه سعد (١).


= عنه، وهو ما ذهب إليه المؤلف في المنسوبين (ل: ١٤٠ / ب) حيث ذكر رواية ابن عيينة ثم قال: "مقتضاه أن حرامًا رواه عن أبيه سعد، وأنَّ سعدًا وصف القصة وهو لم يشهدها، ولا ذكر أن أباه محيّصة أخبره بها، فالحديث على هذا مرسل، ولفظه قائم لا درك فيه"، ثم ذكر رواية ابن إسحاق وقال: "هذه الرواية أحسن الروايات كلها إن ثبتت من جهة النقل".
قلت: تقدّم أن رواية ابن إسحاق لم تثبت من جهة النقل، ورواية ابن عيينة وإن كان قد جوّدها ابن عبد البر لكن أشار ابن عبد الهادي إلى تضعيفها حيث قال: "مع الاضطراب ففيه من يُجهل حاله" يشير إلى سعد. نصب الراية (٤/ ١٣٥).
لكن الحديث محفوظ لمحيّصة من غير طريق الزهري كما تقدم، وهو وإن كان في إسناده مقالًا من جهة جهالة بعض رواته لكن يشهد له حديث جابر أخرجه أحمد (٣/ ٣٠٧، ٣٨١) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٣٠) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن كسب الحجام فقال: "اعلفه ناضحك" وهذا إسناد حسن، وأبو الزبير قد صرّح بالسماع عند أحمد.
ويشهد له أيضًا ما رواه الطحاوي (٤/ ١٣١) من طريق عكرمة بن عمار عن طارق بن عبد الرحمن أن رافعة بن رافع -أو رافع بن رافعة الشك منهم في ذلك- قد جاء إلى مجلس الأنصاري فقال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الحجام وأمرنا نطعمه ناضحنا".
وهذا إسناد حسن أيضًا، فالحديث صحيح بمجموع طرقه.
وانظر الكلام في رواية ابن إسحاق وزمعة عن الزهري في:
تاريخ الدارمي (ص: ٤٤) (رقم: ١٥)، والعلل لأحمد (ص: ١٢٦ - رواية المروذي-)، وشرح العلل (٢/ ٤٧٤)، وسؤالات البرذعي (٢/ ٧٥٩)، والضعفاء للنسائي (ص: ١١٢)، والتقريب (رقم: ٢٠٣٥).
(١) الموطأ كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في الحجامة وأجرة الحجام (٢/ ٧٤٢) (رقم: ٢٨).
وتابعه ابن القاسم كما ذكر ابن الحذاء وابن عبد البر وحكما على روايتهما بعدم الصحة.
رجال الموطأ (١٨ / أ)، والتمهيد (١١/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>