للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا قال فيه ابن أبي شيبة من طريق ابن عيينة عن الزهري (١).

وخرّجه البخاري من طريق أبي حَصين عثمان بن عاصم، عن أبي صالح السمّان عن أبي هريرة مسندًا (٢).

وأسنده الدارقطني في العلل عن سليمان الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة (٣) وقال: "المرسل أشبه" (٤).

قال الشيخ أبو العباس - رضي الله عنه -: وقد رُوي عن جارية ابن قدامة -وقيل: هو السائل (٥) - خرّج ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة، عن


(١) المصنف (٥/ ٢١٧).
(٢) انظر: صحيح البخاري كتاب: الأدب، باب: الحذر من الغضب (٤/ ١١٢) (رقم: ٦١١٦).
(٣) العلل (١٠/ ١٢١).
(٤) العلل (١٠/ ٢٥٢).
قلت: الحديث من طريق أبي صالح عن أبي هريرة صحيح بلا شك كما ورد عند البخاري، ورواه الزهري عن حميد واختلف عنه: فرواه مالك والزبيدي عنه عن حميد مرسلًا، ورواه ابن عيينة ومعمر ويونس والليث عنه عن حميد عن أبي هريرة موصولًا، ورجح الدارقطني المرسل مع كون رواة الوصل أكثر لتقدم مالك على بقية أصحاب الزهري في الحفظ والإتقان، فقد نقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: "مالك بن أنس ثقة إمام الحجاز، وهو أثبت أصحاب الزهري، وإذا خالفوا مالكًا من أهل الحجاز حكم لمالك، وهو أقوى في الزهري من ابن عيينة، وأقلُّ خطأ منه، وأقوى من معمر وابن أبي ذئب". ثم إن مالكًا لم ينفرد به؛ فقد تابعه عليه الزبيدي كما ذكره الدارقطني في العلل (١٠/ ٢٥١).
والزبيدي هذا هو الذي قدمه الأوزاعي على بقية أصحاب الزهري.
فتبيّن بهذا أن مدار الترجيح عند اختلاف الرواة في الوصل والإرسال ليس على الكثرة فقط بل إن ذلك دائر مع الترجيح، فتارة يترجح الوصل، وتارة الإرسال، وهذا هو ما ذهب إليه البخاري وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهما. انظر: مقدمة الجرح والتعديل (ص: ١٧)، وشرح علل الترمذي (٢/ ٦٧١)، وفتح المغيث (١/ ٢٠٣).
(٥) هذا قول، وقيل: السائل سفيان بن عبد الله الثقفي، لما رواه الطبراني في المعجم الكبير (٧/ ٧٩) (رقم: ٦٣٩٩) من طريق سالم بن عجلان الأفطس عن عروة بن الزبير عن سفيان بن عبد الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>