(١) هذا ما ذهب إليه العيني كما تقدّم ونقله ابن عبد البر في الاستيعاب (٣/ ٢٤١) عن أبي العباس المبرد، والعراقي عن أبي معشر. لكن الجمهور من المحدّثين وأهل السير فرّقوا بينهما فقالوا: إنَّ ذا الشمالين وهو عمير بن عبد عمرو بن نضلة خزاعي شهد بدرًا وقتل بها ولم يدركه أبو هريرة، وأما ذو اليدين المذكور في حديث السهو في رواية أبي هريرة فهو رجل آخر غير ذي الشمالين، وهذا هو قول الشافعي وأبي عبد الله الحاكم والبيهقي وغيرهم. ذكر ابن عبد البر عن أبي بكر الأثرم قال: سمعت مسدد بن مسرهد يقول: "الذي قتل ببدر هو ذو الشمالين بن عبد عمرو حليف لبني زهرة، وذو اليدين رجل من العرب كان يكون بالبادية فيجيء فيصلي مع النَّبِيّ ﷺ، ثم قال أبو عمر: قول مسدد هذا هو قول أئمة الحديث والسير، وهذا ما رجَّحه أيضًا المؤلف كما سيأتي". وقال ابن الأثير في ترجمة ذي الشمالين: "وهذا ليس بذي اليدين الذي ذُكر في السهو في الصلاة، لأنَّ ذا الشمالين قتل ببدر، والسهو في الصلاة شهده أبو هريرة، وكان إسلامه بعد بدر بسنتين". وصحح هذا التفريق النووي والعلائي. وقال ابن حجر: "اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم أن ذا الشمالين غير ذي اليدين، نصَّ على ذلك الشافعي ﵀ في اختلاف الحديث". وقال الصنعاني: "وفي الصحابة رجل آخر يُقال له ذو الشمالين هو غير ذي اليدين، ووهم الزهري فجعل ذا اليدين وذا الشمالين واحدًا، وقد بيَّن وهمه العلماء، وأما ما استدل به العيني من الروايات التي جمعت بينهما مما يدل على اتحادهما فهي مضطربة كما سيأتي، واتفق أهل العلم على أن الزهري غلط فيها، ولم يُتقن حفظها". وأما ما ورد عن ابن عباس عند البزار والطبراني ففي سنده إسماعيل بن أبان الغنوي العامري، قال الهيثمي في المجمع (٢/ ١٥٢): "متروك". وأما أبو معشر الذي قال بالتفريق بينهما فقد قال العراقي: "إنَّه ضعيف عند الجمهور". انظر: السنن الكبري للبيهقي (٢/ ٣٦٦)، والدرر في اختصار المغازي والسير (ص: ١٠٩)، والتمهيد (١/ ٣٦٣ - ٣٦٤)، والاستذكار (٢/ ٢٢٣)، والاستيعاب (٣/ ٢٣٦ - ٢٣٧)، وأسد الغابة (٢/ ٢١٧ - ٢١٨، ٢٢٤) ن وتهذيب الأسماء واللغات (١/ ١٨٦)، ونظم الفرائد للعلائي (ص: ٦١، ٦٤، ٦٥، ٧٢)، وطرح التثريب (٣/ ٥)، والإصابة (٣/ ٢١٧، ٢٢٢)، وفتح الباري (٣/ ١١٧)، ونزهة الألباب (١/ ٢٩٦)، وسبل السلام (١/ ٢٠٢).