للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسلق إلى بروج حصون الكمال ورقي إلى أسوارها. ومد يده إلى جواد الجود فعلقت يده بزمامه، ونصب شرك البذل لبزاة (١) الأدب فصادهم بفخ كرمه وإنعامه. فهو صاحب السيف والقلم، الذي افتخرت به الدهور، والجود والكرم، الذي ضاءت به الأيام والشهور. وهو قطب تلك المدينة إلى الآن، وسمر ليالي ذلك الإقليم إلى آخر الزمان.

دخلت عليه في بعض الأوقات وهو مشرق بوجه كالقمر، وقد حفته أرباب المعارف من كل جهة كما يحف الجيد بالدرر.

وهو قد شمر عن ساعد الجد لاقتطافه ثمر المعالي، وتهيأ (٢) للغوص في بحر الفضائل لإخراج فرائد اللآلي (٣).

وقد غدا النادي كالربيع ونواره، وهو كالبدر المنير بجمال أنواره. تخاله حديقة جنان. قد حفتها يد الغمام فنبتت ألوانا، وأخرجت من سنائها على حافة جداولها أزهارا وأغصانا. وقد حملت أكل ما تشتهي الأنفس من ثمار المعارف، وتلذ الأعين من فواكه عناقيد اللطائف. ووضعته في خوان الأوراق وقدمته لأرباب الأدب، فهو كما يوضع اللآل (٤) عند محترفة الصياغة في أطباق الذهب. فازدحمت عليه أيدي الوافدين كازدحام الصوادي على الموارد. وتناولت من تلك الفواكه الطيبة ما يوهب المواهب وينيل


(١) في المخطوطتين: البزات.
(٢) في الاصل تهبيء.
(٣) في المخطوطتين: اللؤالي.
(٤) في المخطوطتين: اللؤال.

<<  <  ج: ص:  >  >>