للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنيلك الوافي. أم بمدك النافع، أم بجزرك الناقع. أم بأنباتك الزهر، أم بروضك النضر. أم بأوراقك الزبرجد، أم بزهرك المنضد. أم بفضلك الزاهر، أم بحسنك الباهر. أم بسواقيك، أم بجواريك. أم بخدمك وغلمانك، أم بجنودك وأعوانك. أما الماء ففضله أظهر من السماء. بحاره زاخرة، أنهاره باهرة. مصاحب الأنبياء، وأليف الأنقياء. بفضلي دعيت هذه الأمة بالغر المحجلين، وأنا مادة حياتها إلى يوم الدين. أنا أصوت من العود، وأضرب من الناي بالعقود. أزين النادي، وأطرب الحادي. وكم حويت مآثر، لا تحيط بها الكتب والدفاتر. فالزموا الحد، وأريحوا قلبكم المكمد. فإني في الأرض، أفضل جماد في طولها والعرض.

فاسمع مني، وارو عني.

أيها المكمد الذي قد تحقر ... لست منها ولا قلامة أظفر

أنا ماء وسيد ونفيس ... أنا فضل وفي اللطافة أشهر

كل من يدعي بما ليس فيه ... كذبته شواهد ليس تنكر

أنا عين الحياة، ينكر فضلي؟ ... وأنا زمزم وفي الحوض كوثر

دع ملامي إذا فهمت كلامي ... والزم الحد في الملا لا تعزر

فلما سمع الحبيب المناظرة، وأصغى (١) لهذه المسامرة، زاد سروراً، وعلا حبورا. وقال يا قوم كلكم ذو فضيلة، وكرامة جزيلة. ومحاسن كثيرة، ومحامد غزيرة. ومواهب عظيمة، ومآرب جسيمة، فطيبوا القلوب، فو حق علام الغيوب، ما منكم


(١) في الاصول: وصغى. والصواب وأصغى الى هذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>