للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من شأنه في مزجه ومزاجه ... يطفي غليلا من زمان غابر

أما الملوك توده وترومه ... وتراه فخرا فوق كل مفاخر

لو كان معتلا أعل جميعها ... أما الصحيح به الشفا من ضائر

تصحيفه قبح أضر بضدنا ... صححه يا وافي الذكاء الوافر

هذا الذي أدركته يا سيدي ... فاسبل عليه برد ستر غافر

دم يا حبيبي بالهنا بل بالنهى ... وأحسن بفضل شامل بل غامر

هذا جواب ناقص من ناقص ... عن رمز حبر كامل بل طاهر

سيدي: قد ورد علي كتابك فإذا هو كالزهر والورود، بل هو أعذب للظمآن من الماء العذب القراح عند الورود. وقد أخرجت من خزائن اللب جواهر الفرائد، وصورت في صحيفة الخاطر زواهر الخرائد، فقلدتني بعقد نثار قد نظم بأوفر سلك، وطوقتني بدرر مآثر قد ختمتها بأعطر مسك، لو ذاق حلاوتها ابن نباتة لسكر وهام، أو رأى طلاوتها المتنبي لترك بعد ذلك النظام، أو أبصر ميزانها الذهبي وابن ابي الإصبع (١) لجعلها من مستخرجاته أو أدرك المتنبي نبأها لصدرها بمبدأ حاجاته. فما كان لي إلا أن ألثمها تعظيما، وأستلمها تكريما وتفخيما.

فلله درك يا فريد الزمان، ويا وحيد الوقت والأوان، ما أبدع كلامك، وأبلغ كمالك. قد أرسلت معمى هو بالبلاغة بصير، وكيف لا وهو من صدر كامل تحرير.

هذا ولما كان البال قد شت، والعقل للخاطر قد بت، أرسلت بهذه الأبيات على طريقة الجواب، وأن لم تكن على نهج الصواب


(١) مرت ترجمتهما من قبل في ص ٨٨ وص ٢٢٤ ج ١

<<  <  ج: ص:  >  >>