للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رد شهادة واحد على هلال شوال. وعليه فليس في هذه النصوص ما يدل على تقييد أو اشتراط اثنين أو أكثر لرؤية هلال شوال.

ثالثا: وأما استدلالهم بحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، فيجاب عنه من وجهين:

الأول: أن زيادة: «فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا وانسكوا» غير محفوظة؛ لأنها لم تأت من طريق صحيحة (١).

الثاني: وعلى التسليم بصحة الحديث, فيجاب عنه: أن اشتراط شهادة الاثنين مستفاد من هذا الحديث (بمفهوم الشرط) (٢)، وقد وقع الخلاف بين العلماء في العمل به.

ثم هو أيضا معارض بما تقدم من قبوله - صلى الله عليه وسلم - لخبر الواحد في أول الشهر، وبالقياس عليه في آخره؛ لعدم الفارق. فلا ينتهض مثل هذا المفهوم لإثبات هذا الحكم به (٣).

رابعا: وأما استدلالهم بحديث طاووس, قال: "شهدت المدينة وبها ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهما - .. " الحديث, فيجاب عنه: أنه حديث ضعيف لا تقوم به الحجة (٤).

ومثله أثر علي - رضي الله عنه - فهو أثر ضعيف (٥).

خامسا: وأما قولهم: إن هذه شهادة يلحق الشاهد فيها التهمة، فكان من شرطها العدد، كسائر الشهادات, فيجاب عنه:

كما أنهم ردوا شهادة الشاهد بهذا الظن، كان ينبغي رد شهادة الشاهدين في شوال أيضا بنفس الظن؛ لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا فتلحقهما التهمة، كما يفعلون في سائر الحقوق (٦). والله أعلم.


(١) لأن في سندها: حجاج ابن أرطاة، وهو كثير الخطأ والتدليس, ولم يصرح بالتحديث. ينظر: تقريب التهذيب ص: ١٥٢، وتهذيب الكمال ١٧/ ١٢٣. وينظر: البدر المنير ٥/ ٦٤٤.
(٢) مفهوم الشَّرْط: هو من أنواع دليل الخطاب (مفهوم المخالفة). ينظر: أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله ص ٣٧٩.
(٣) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٢٢ - ٢٢٣.
(٤) قال الدارقطني في السنن ٣/ ٩٧: "تفرد به حفص بن عمر الأبلي أبو إسماعيل وهو ضعيف الحديث".
(٥) لأنه من رواية الحارث الأعور، وهو ضعيف باتفاق المحدثين، معروف بالكذب. ينظر: ميزان الاعتدال ١/ ٤٣٥, وتهذيب الكمال ٥/ ٢٤٥.
(٦) ينظر: المحلى ٤/ ٣٧٦.

<<  <   >  >>