للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الخامس: ولأن حكمه يلزم الشاهد، وهو الصوم، وحكم الشهادة لا يلزم الشاهد، والإنسان لا يُتَّهم في إيجاب شيء على نفسه، فدل على أنه ليس بشهادة، بل هو إخبار (١).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن رؤية هلال رمضان من باب الشهادات، فتشترط الشهادة بلفظها.

الدليل الأول: عن أمير مكة الحارث بن حاطب - رضي الله عنه - قال: «عهد إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننسك للرؤية فإن لم نره، وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما» (٢).

الدليل الثاني: عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: إنا صحبنا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعلمنا منهم، وإنهم حدثونا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين، فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا وانسكوا» (٣).

وجه الاستدلال: أن الحديثين نصا على قبول شهادة الشاهدين إذا شهدا بالرؤية (٤)، فمفهومه عدم قبول إخبار من رأى الهلال إن لم يشهد.

الدليل الثالث: ولأنه حكم شرعي متعلق برؤية الهلال، فوجب أن يكون حكم الإخبار به حكم الشهادات؛ أصله هلال شوال (٥).

الدليل الرابع: ولأنه لا يُقبَل فيه شاهد الفرع مع وجود شاهد الأصل، وهذا خاص بالشهادة لا بالإخبار (٦).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أن رؤية هلال رمضان بابها باب الإخبار، فيكفي فيها الإخبار من واحد، ولا تشترط فيها الشهادة؛ وحديث ابن عمر والأعرابي يدلان على ذلك.

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني، فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث أمير مكة، وحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، والذي فيهما: «وشهد شاهدا» و «شهد ذوا عدل» على اشتراط الشهادة فيجاب عنه:


(١) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٨١، وفتح العزيز في شرح الوجيز ٦/ ٢٥٤.
(٢) سبق تخريجه صفحة (٩٠).
(٣) سبق تخريجه صفحة (٩٠).
(٤) ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٢٧.
(٥) ينظر المصدر السابق.
(٦) ينظر: المجموع ٦/ ٢٧٨، معالم السنن ٢/ ١٠١.

<<  <   >  >>