للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن حديث عمار مفسر بالنهي عن صوم يوم الشك, وهذا يوم شك؛ لأنه يحتمل أن يكون من شعبان ويحتمل أن يكون من رمضان, ولا معنى للشك إلا التردد بين الجهتين (١). ولا يتصور ذلك إلا بوجود الغيم.

الدليل الثالث: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - , عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُبِّيَ عليكم (٢) فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين» (٣).

وجه الاستدلال: فأَمرُه - صلى الله عليه وسلم - بإكمال عدة شعبان لا لأنه من شعبان يقينا ولكن لعدم إمكان الرؤية وهذا هو الشك.

الدليل الرابع: ولأن عدم رؤيته في الصحو دليل على أنه يوم من شعبان جزما (٤).

الدليل الخامس: ولأن رد شهادة من رآه في الصحو دليل على غلطه، وهذا ظاهر ومقابل الظاهر الموهوم لا المشكوك فيه، وأما إن كان في غيم فهو شك، وإن لم يشهد به أحد (٥).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن يوم الشك يوم الثلاثين من شعبان سواء كانت السماء صحوا أو مغيمة، إذا تحدث برؤيته أو شهد بها من لا يثبت بقوله فإن لم يتحدث برؤيته أحد فليس يوم شك.

استدلوا بحديث: ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحابة أو ظلمة، فأكملوا العدة عدة شعبان، ولا تستقبلوا الشهر استقبالا, ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان» (٦).


(١) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٨٩، والدرر السنية في الأجوبة النجدية ٥/ ٢٩٢.
(٢) غَبِي عليكم: بالتخفيف أي خفي. أو «غُبِّي» بضم الغين وتشديد الباء المكسورة، لما لم يسم فاعله، من الغباء: شبه الغبرة في السماء. ينظر: النهاية ٣/ ٣٤٢، لسان العرب ١٥/ ١١٤.
(٣) أخرجه البخاري ٣/ ٢٧ رقم ١٩٠٩, كتاب الصيام, باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتم الهلال فصوموا ... » , ومسلم ٢/ ٧٦٢ رقم ١٠٨١, كتاب الصيام, باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال.
(٤) ينظر: الخلاصة الفقهية ص ١٩٠.
(٥) ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ٢/ ٢٨٤.
(٦) رواه النسائي ٤/ ١٥٣ رقم ٢١٨٩, كتاب الصيام, باب صيام يوم الشك, واللفظ له, وأحمد ٣/ ٤٤٥ رقم ١٩٨٥, وقال الألباني في السلسلة الصحيحة ٤/ ٥٤٩ رقم ١٩١٧: "هذا إسناد جيد".

<<  <   >  >>