للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: فقد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يوم الغيم هو يوم من شعبان. وأنه ليس يوم شك (١).

أما لو شهد من ردت شهادته سواء كان ذلك في يوم صحو أو يوم شك فإن شهادته تورث الشك، هل هو يوم من شعبان أو يوم من رمضان.

قال ابن عبد السلام المالكي: "وهو الأظهر عندي؛ لأننا ليلة الغيم مأمورون بإكمال العدة ثلاثين يوما لخبر: «فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان» أو «فاقدروا له»؛ فإن هذا يدل على أن صبيحة ليلة الثلاثين من شعبان عملا (بالاستصحاب) (٢) " (٣).

أدلة القول الثالث: القائلين بأنه هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كانت السماء صحوا.

استدلوا بحديث ابن عمر - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال. ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له». قال نافع: (كان عبد الله بن عمر إذا مضى من شعبان تسعة وعشرون يوما، بعث من ينظر له الهلال، فإن رأى فذاك، وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر (٤) أصبح مفطرا، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائما) (٥).

وجه الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أن ابن عمر - رضي الله عنه - وهو راوي الحديث كان يصوم إذا حال دون رؤية الهلال سحاب أو قتر؛ مما يدل على أنه ليس يوم الشك المنهي عنه، وما كان لابن عمر - رضي الله عنهما - وهو


(١) ينظر: أسنى المطالب ١/ ٤١٩، والفقه الإسلامي للزحيلي ٣/ ١٦٣٢.
(٢) الاستصحاب لغة: طلب الصحبة، وهي الملازمة. ينظر القاموس المحيط ١/ ١٠٤. واصطلاحا: استدامة إثبات ما كان ثابتًا، أو نفي ما كان منفيًا. ينظر: معالم أصول الفقه عند أهل السنة ص ٢١٠.
(٣) ينظر: الفواكه الدواني ١/ ٣٠٦.
(٤) قَتَر: أي غُبار. ينظر: النهاية في غريب الحديث ٤/ ١٢، تاج العروس ١٣/ ٣٦١.
(٥) رواه أبو داود ٢/ ٢٩٧ رقم ٢٣٣٠, باب الشهر يكون تسعا وعشرين, واللفظ له, وأحمد ٨/ ٧١ رقم ٤٤٨٨, وهو دون قول ابن عمر عند: مسلم ٢/ ٧٥٩ رقم ١٠٨٠, باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال ... وصححه الألباني في صحيح أبي داود ٧/ ٨٧ رقم ٢٠٠٩.

<<  <   >  >>