للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحريص على اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخالف أمره. أما إذا كانت السماء صحوا فكان لا يصومه؛ فدل على أنه هو يوم الشك المنهي عن صيامه (١).

الوجه الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فلا تصوموا حتى تروه, ولا تفطروا حتى تروه» عقب قوله: «إنما الشهر تسع وعشرون» فقد أتى بحرف الفاء المشعرة بالسبب؛ فكأنه قال: الشهر الذي لا بد منه تسع وعشرون؛ فاقدروا له هذا العدد إذا غم عليكم (٢).

فيكون اليوم الذي يلي التاسع والعشرين حال الغيم هو الأول من رمضان لا يوم الشك.

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: إذا غيمت السماء ليلة ثلاثين من شعبان ولم يُرَ الهلال فصبيحة الغيم هو يوم الشك؛ وذلك لقوة ما استدلوا به، ولسلامة أدلتهم من المعارضة.

وأما الجواب عن أدلة القولين الآخرين فيكون بما يلي:

أولا: أما قولهم: إن يوم الغيم هو يوم من شعبان قطعا فغير مسلم، لأنه لو رؤي الهلال بعد مضي ٢٨ يوما من رمضان لكان يوم الغيم ذلك هو الأول أم رمضان يقينا؛ لأن الشهر لا يكون أقل من تسعة وعشرين يوما، ولكن يحكم بأنه اليوم المكمل للثلاثين من شعبان لوجود الشك.

وأما اشتراطهم شهادة من لا تقبل شهادته في يوم الغيم حتى يكون يوم شك: فلا دليل عليه. ثم إن من لا تقبل شهادته لا يعتبر حديثه (٣).

ثانيا: وأما استدلالهم بلفظة: «فاقدروا له» وبفعل ابن عمر - رضي الله عنه - على أن يوم الصحو ليس بيوم شك فيجاب عنه:

أن هذا الاستدلال قد يُسَلَّم، لو لم تأت إلا رواية فاقدروا له وأن معناها تقديره بتسعة وعشرين يوما، لكن الرواية جاءت صريحة في إتمام الثلاثين كما هو في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -


(١) ينظر: المغني ٣/ ١٠٧ - ١٠٨، وشرح العمدة كتاب الصيام ١/ ١٢٤.
(٢) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٩٤.
(٣) ينظر: منح الجليل ٢/ ١١٦

<<  <   >  >>