للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: في هذا الحديث تصريح بأن عدة الثلاثين المأمور بإتمامها في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - السابق -حال الغيم- هي من شعبان (١)؛ فتكون رواية فأكملوا عدة شعبان مُبَيِّنَة (٢) لرواية فأكملوا العدة (٣).

الدليل الثالث: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحابة أو ظلمة، فأكملوا العدّة، عدّة شعبان، ولا تستقبلوا الشّهر استقبالا، ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان» (٤).

وجه الاستدلال: في هذا الحديث بيان أن اليقين لا يُزيله الشّكّ، ولا يزيله إلّا يقين مثله؛ لأنّه - صلى الله عليه وسلم - أمر النّاس ألّا يدّعوا ما هم عليه من يقين شعبان إلّا بيقين رؤية واستكمال العدّة، وأنّ الشّكّ لا يعمل في ذلك شيئا، ولهذا نهى عن صوم يوم الشّكّ؛ اطّراحا لأعمال الشّكّ، وإعلاما أنّ الأحكام لا تجب إلّا بيقين لا شكّ فيه (٥).

الدليل الرابع: عن حُذَيفة بن اليَمَان (٦) - رضي الله عنه -؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة, ثم صوموا حتى تروا الهلال, أو تكملوا العدة قبله» (٧).


(١) ينظر: إرشاد الساري ٣/ ٣٥٧.
(٢) المُبَيِّن: في اللغة: المُوَضِّح. وفي الاصطلاح: يطلق البيان على الدليل الذي أوضح المقصود بالمجمل، وهو المبيِّن. ينظر: أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله ص ٤٠٦، التوقيف على مهمات التعاريف ص ٨٦، تاج العروس ٣٤/ ٣٠٥.
(٣) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٢٢، عمدة القاري ١٠/ ٢٨٢.
(٤) سبق تخريجه صفحة (١٢٢).
(٥) ينظر: التمهيد ٢/ ٣٩.
(٦) هو: حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَانِ العبسي, من كبار الصحابة، وصاحب سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , أسلم هو وأبوه. شهد أحدا والخندق وما بعدهما. استعمله عمر على المدائن, وتوفي بها سنة ٣٦ هـ, روى عنه: جابر, وجندب، وغيرهما. ينظر: معرفة الصحابة ٢/ ٦٨٦, والإصابة ٢/ ٣٩؛ سير أعلام النبلاء ٢/ ٣٦١.
(٧) رواه أبو داود ٢/ ٢٩٨ رقم ٢٣٢٦, في الصوم, باب إذا أغمي الشهر, والنسائي ٤/ ١٣٥ رقم ٢١٢٦, في الصيام, باب إكمال شعبان ثلاثين. وصححه الألباني في الإرواء ٤/ ٨.

<<  <   >  >>