للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يجوز صيام النفل بعد انتصاف شعبان؛ لصحة ما استدلوا به ولثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويكون المقصود من النهي الوارد في حديث أبي هريرة ¢ -في النهي عن الصيام بعد انتصاف شعبان-، هو: استجمام من لم يقوَ على تتابع الصيام الكثير في بقية شعبان؛ ليقوى بذلك على صيام شهر رمضان, فيستحب له الفطر فيها , كما استحب إفطار عرفة للحاج؛ ليقوى على الدعاء. أما من لم يصعب عليه ذلك , ولم يَضعُف به , فلا يتوجه النهي نحوه (١).

ويحمل حديث التقدم على من يحتاط بالصيام لرمضان (٢).

قال الطحاوي (٣) -رحمه الله-: "دل ذلك أن النهي الذي كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة ¢ الذي ذكرناه في أول هذا الباب، لم يكن إلا على الإشفاق منه على صُوّام رمضان لا لمعنى غير ذلك، وكذلك نأمر من كان الصوم بقرب رمضان يدخله به ضعف يمنعه من صوم رمضان أن لا يصوم حتى يصوم رمضان؛ لأن صوم رمضان أولى به من صوم ما ليس عليه صومه، فهذا هو المعنى الذي ينبغي أن يحمل عليه معنى ذلك الحديث، حتى لا يضاد غيره من هذه الأحاديث" (٤).

والله أعلم.


(١) ينظر: تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة ١/ ٤٩٣.
(٢) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٢٩.
(٣) هو: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي، فقيه انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر, نشأ في طحا من صعيد مصر، من أشهر شيوخه: خاله المزني, ومن أشهر كتبه: العقيدة الطحاوية, ومشكل الآثار, وشرح معاني الآثار, توفي سنة ٣٢١ هـ. ينظر: الجواهر المضية ١/ ١٠٢, سير أعلام النبلاء ١٥/ ٢٧, الأعلام ٢/ ١٦٩.
(٤) شرح معاني الآثار ٢/ ٨٤ - ٨٥، وينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب ١/ ٤٠٧.

<<  <   >  >>