للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبب الثاني: "واختلافهم أيضا في إذا نوى في أيام رمضان صوما آخر، هل ينقلب أو لا ينقلِب؟ سببه أيضا: أن من اِلعبادة عندهم من ينقلب مِن قِبَل أَنَّ الوقت الذي تُوقَع فيه مختص بالعبادة التي تنقلب إليه، ومنها ما ليس ينقلب" (١).

أدلة القول الأول: القائلين: بأنه يجب تعيين النية في صيام شهر رمضان.

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٢).

وجه الاستدلال من وجهين: الأول: معلوم أن هذه الهاء في قوله: {فَلْيَصُمْهُ} كناية عن الشهر وعائدة إليه، فيصير تقدير الكلام: فلينوِ الصيام له، ولو أراد جنس الصوم مطلقا، لقال: فليصم. فلما قيده بالهاء دل على وجوب تعيين النية له (٣).

الثاني: ولأن أَمْرَه سبحانه وتعالى بصوم هذا الشهر متضمن للأمر بنيَّته, فإن من صام فيه تطوعا أو قضاءً أو صوما مطلقا؛ لم يصمه, وإنما صام فيه (٤).

الدليل الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (٥).

وجه الاستدلال: منطوق الحديث أن له ما ينويه، ومفهومه أنه ليس له ما لم ينوه، وهذا إذا نوى تطوعا لم يَنْو صوم رمضان، فوجب أن لا يقع الاحتساب له بشيء لم يَنْوه. وكان ظاهر الحديث يقتضي أن يكون له أجر ما نواه من صيام، لكن الإجماع أبطله (٦).

الدليل الثالث: عن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يُجْمِع الصيام قبل الفجر, فلا صيام له» (٧).


(١) المصدر السابق.
(٢) سورة البقرة: آية: ١٨٥.
(٣) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٢.
(٤) ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام ١/ ٢٠٥.
(٥) سبق تخريجه صفحة (١١٥).
(٦) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٢، الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٢٥، شرح عمدة الفقه كتاب الصيام ١/ ٢٠٥.
(٧) رواه أبو داود ٢/ ٣٢٩ رقم ٢٤٥٤, في الصوم، باب النية في الصيام, والترمذي ٣/ ٩٩ رقم ٧٣٠, في الصوم، باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل، والنسائي ٤/ ١٩٦ رقم ٢٣٣٣, في الصيام، باب النية في الصيام، وقال الألباني في صحيح أبي داود ٧/ ٢١٣ رقم ٢١١٨: "إسناده صحيح".

<<  <   >  >>