للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبه قال: الحنفية (١) , والشافعية (٢) , والحنابلة في المذهب (٣).

القول الثاني: لا يشرع التلفظ بالنية في العبادات ومن ذلك الصوم، بل التلفظ بها بدعة محدثة.

وبه قال: المالكية (٤) , وهو المنصوص عن الإمام أحمد (٥)، وهو اختيار الشيخ.

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم -والله أعلم-: هل ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تلبيته بالحج هو تلفظ بالنية، فيقاس عليه غيره من العبادات. وهل للسان مدخل في عقد النية؟ .

أدلة القول الأول: القائلين بأنه يشرع التلفظ بالنية في العبادات، ومن ذلك الصوم.

الدليل الأول: عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل عليَّ قال: «هل عندكم طعام»؟ ، فإذا قلنا: لا، قال: «إني صائم». فدخل علينا يوما آخر، فقلنا: يا رسول الله، أهدي لنا حَيْس (٦)؛ فحبسناه لك، فقال: «أَدْنِيه» (٧)، فأصبح صائما وأفطر» (٨).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تلفظ بالنية في هذا الحديث.

الدليل الثاني: حديث أنس - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي بالحج والعمرة جميعا, يقول: «لبيك عمرة وحجا» (٩).


(١) الجوهرة النيرة ١/ ١٣٦، رد المحتار ٢/ ٣٨٠، مراقي الفلاح ١/ ٢٣٩, الفتاوى الهندية ١/ ١٩٥.
(٢) المهذب ١/ ٣٥, البيان ١/ ١٠١, المجموع ٦/ ٢٨٩, إعانة الطالبين ٢/ ٥٦, مغني المحتاج ١/ ٣٤٣.
(٣) الإنصاف ١/ ١٤٢، كشاف القناع ١/ ٨٧, الروض المربع ص ٢٩, مطالب أولي النهى ١/ ١٠٦.
(٤) المدخل لابن الحاج ٢/ ٢٧٤، الشرح الكبير للدردير ١/ ٥٢٠، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني ١/ ٢٠٣، التاج والإكليل ٢/ ٢٠٧.
(٥) شرح عمدة الفقه كتاب الصلاة لابن تيمية ١/ ٥٩٢، الإنصاف ١/ ١٤٢، كشاف القناع ١/ ٨٧, مطالب أولي النهى ١/ ١٠٦.
(٦) الحَيْس: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن. ينظر: الصحاح ٣/ ٩٢٠، النهاية ١/ ٤٦٧.
(٧) أَدْنِيه: من الإدناء، أي: قربيه. ينظر: النهاية ٢/ ١٣٨ مادة: دنا، عون المعبود ٧/ ٩٠، حاشية السندي على سنن النسائي ٤/ ١٩٣.
(٨) أخرجه مسلم ٢/ ٨٠٨ رقم ١١٥٤, كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، وأبو داود ٢/ ٣٢٩ رقم ٢٤٥٥, كتاب الصوم، باب في الرخصة في ذلك، واللفظ له.
(٩) رواه مسلم ٢/ ٩٠٥ رقم ١٢٣٢، كتاب الحج, باب في الإفراد والقران بالحج والعمرة.

<<  <   >  >>