للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أين التلفظ بالنية في حديث عائشة؟ ، إن ما وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - هو إخبار بأنه صائم. فأين من يقول مخبرا: إني صائم، ممن يقول: نويت صيام يوم كذا وكذا فرضا لله، هل يستويان مثلا؟ .

ثانيا: وأما استدلالهم بتلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - , فيجاب عنه من وجهين:

الأول: أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال ذلك في ابتداء إحرامه؛ تعليما للصحابة ما يُهِلُّون به، ويقصدونه من النُسُك (١).

الثاني: أن هذا ليس مما نحن فيه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَذكُر نُسُكه في تلبيته، فيقول: «لَبَّيك عمرة وحجا»، وإنما كلامنا أنه يقول عند إرادة عقد الإحرام: «اللهم إني أريد الحج أو العمرة»، حتى يستقيم لهم القياس (٢).

ثالثا: وأما استحبابهم التلفظ بالنية، فيجاب عنه:

أن الاستحباب حكم شرعي لا يكون إلا بدليل، ولا دليل (٣).

رابعا: وأما قولهم: إن اللسان يساعد القلب ويعبر عما استقر فيه، وليوافقه، فيجاب عنه:

"أن النية بليغ العلم، فمتى عَلِم العبد ما يفعله كان قد نواه ضرورة، فلا يُتَصَور مع وجود العلم بالعقل أن يَفعل بلا نية، ولا يمكن مع عدم العلم أن تحصل نيةٌ" (٤).

فلا معنى حين إذ لاقتران اللسان بعقد النية. والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: شرح العمدة من أول كتاب الصلاة ص ٥٩١، ومرقاة المفاتيح ١/ ٤٣.
(٢) ينظر جامع العلوم والحكم ١/ ٩٦، ومرقاة المفاتيح ١/ ٤٢.
(٣) مجموع الفتاوى لابن تيمية ٢٢/ ٢٢٢، إعلام الموقعين ٢/ ٣٨٩ - ٣٩١.
(٤) مجموع الفتاوى لابن تيمية ٢٢/ ٢٣١ - ٢٣٢.

<<  <   >  >>