للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: في الحديث دليل على عدم إجزاء صيام التطوع إلا بنية من الليل؛ لأن النص ورد بأن لا صوم لمن لم يُبَيِّته من الليل، ولم يخص من ذلك شيئا، فيبقى النص على عمومه (١).

الدليل الثاني: لأنه صوم شرعي، فوجبت له النية من الليل؛ كصيام الفرض (٢).

الدليل الثالث: ولأنها عبادة من شرط صحتها النية، فوجب أن يستوي نفلها وفرضها في وقت النية؛ كالصلاة والحج (٣).

الدليل الرابع: ولأنها عبادة تتنوع فرضا ونفلا، فوجب أن يكون محل النية في نفلها كمحل النية في فرضها؛ أصله الصلاة (٤).

الدليل الخامس: ولأن النهار لو كان زمانا لنية الفعل، لصَحَّتْ فيه نية الفرض كالليل (٥).

الدليل السادس: ولأن النية أحد ركني الصيام، فاختصت بأحد جنسَي الزمان وهو الليل، كما اختص الإمساك بالجنس الثاني وهو النهار (٦).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يجوز صوم التطوع بنية من النهار، ولا يشترط تبييت النية؛ وذلك لصحة أدلتهم، وحديث عائشة - رضي الله عنها - في عقده - صلى الله عليه وسلم - نية الصيام من النهار نص في محل النزاع.

وأما استدلال أصحاب القول الثاني: بحديث حفصة - رضي الله عنها - في اشتراط تبييت النية -وهو أقوى ما استدلوا به- فيجاب عنه:

أن عموم حديث حفصة - رضي الله عنها - مخصوص بحديث عائشة - رضي الله عنها - السالف الذكر؛ وتوضيح ذلك: أن حديث حفصة - رضي الله عنها - واضح الدلالة على وجوب تبييت النية قبل الفجر، أي: في الليل، وقد جاء اللفظ عاما في الصيام، فيُعمَل به على عمومه.


(١) ينظر: المحلى ٤/ ٢٩٦، الاستذكار ٣/ ٢٨٦، المعلم ٢/ ٥٨، إكمال المعلم ٤/ ٨٨.
(٢) ينظر: شرح الرسالة للقاضي عبد الوهاب ١/ ١٥٣، المعونة ١/ ٤٦٥، المنتقى للباجي ٢/ ٤١.
(٣) ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٢٤، وشرح الرسالة له ١/ ١٥٤.
(٤) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٥.
(٥) ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٢٤.
(٦) المصدر السابق.، وشرح الرسالة له ١/ ١٥٣.

<<  <   >  >>