للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نهاره، يعني: ينوي أَيَّ وقت شاء، ولو كان بعد الزوال أيضا. وهذا أَعدَل الأقوال عندنا وأشبه بسُنَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - " (١).

الدليل السادس: ولأنه لمّا كان الليل محلا للنية في صوم الفريضة، واستوى حكم أوله وآخره، ثم كان النهار محلا للنية في صوم التطوع، وجب أن يستوي حكم أوله وآخره (٢).

الدليل السابع: ولأنه نوى في جزء من النهار، فأشبه ما لو نوى في أوله (٣).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الثاني: أنه تجوز النية في صيام التطوع قبل الزوال وبعده؛ وذلك لما يلي:

لأن حديث عائشة - رضي الله عنها - ظاهر في جواز عقد النية قبل الزوال وبعده دون تقييد. وأما تقييدهم إياها بالزوال فهو تكلف بعيد.

ولأنه الأظهر من فعل الصحابة الكرام - رضي الله عنهم -.

ولأن النظر يؤيد هذا القول؛ لأن ما صحت النية في أوله صحت في آخره.

وأما الحديث الذي استدلوا به: «المتطوع بالخيار ما لم تزل الشمس» فإني لم أقف عليه بهذا اللفظ فيما تيسر لي من مصادر ومراجع، ولم أجده إلا عند السرخسي في المبسوط، ولم يسنده أو يحيل إلى من أخرجه.

وقد ذكرت في الحاشية -عند ذكر هذا الحديث- روايات أخرى بألفاظ مقاربة؛ لكنها لا تصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والله أعلم.


(١) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام لابن تيمية ١/ ١٩٢.
(٢) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٧، المغني ٣/ ١١٤، شرح الزركشي ٢/ ٥٦٨.
(٣) ينظر: المغني ٣/ ١١٤.

<<  <   >  >>