للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: عن المُسْتورد بن الأحنف (١) قال: «جاء رجل (أي إلى ابن مسعود) فصلى معه الظهر فقال: إني ظللت اليوم لا صائم ولا مفطر، كنت أتقاضى غريما (٢) لي، فماذا ترى؟ قال: إن شئت صمت، وإن شئت أفطرت» (٣).

الدليل الخامس: عن معاذ بن جبل (٤) - رضي الله عنه -: «أنه كان يأتي أهله بعد الزوال، فيقول: عندكم غداء؟ فيعتذرون إليه، فيقول: إني صائم بقية يومي، فيقال له: تصوم آخر النهار؟ فيقول: من لم يصم آخره لم يصم أوله» (٥).

وجه الاستدلال: فهؤلاء جمع من الصحابة - رضي الله عنهم -، لم يقيدوا جواز النية بما قبل الزوال، بل أجازوها إلى ما بعد الزوال.

قال إسحاق بن راهويه: "الأكثرون على أنه يجوز، وإن لم ينو إلا بعد نصف النهار، منهم: ابن مسعود، وحذيفة بن اليمان، ومعاذ بن جبل: رأوا -إن لم ينو ليلا- أن يَصومَ في


(١) هو: المُسْتَورِد بن الأحنف الكوفي, من كبار التابعين, كان ثقة، وله أحاديث, روى له الجماعة سوى البخاري, روى عن: حذيفة, وابن مسعود, وغيرهما, وروى عنه: سلمة بن كهيل, وعلقمة بن مرثد. ينظر: تاريخ الإسلام ٢/ ١٠٠٤, تهذيب الكمال ٢٧/ ٤٣٧, تهذيب التهذيب ١٠/ ١٠٦.
(٢) الغَرِيم: الذي عليه الدين، وقد يكون غريم أيضا الذي له الدين. ينظر: الصحاح ٢/ ١٤٧٢، لسان العرب ١٢/ ٤٣٦ مادة: غرم.
(٣) أخرجه الشافعي في الأم ٧/ ٣٠٤، والطحاوي في معاني الآثار ٢/ ٥٦, كتاب الصوم، باب الرجل ينوي الصيام بعد ما يطلع الفجر، وعزاه ابن تيمية في شرح العمدة ١/ ١٩٢ لحرب.
(٤) هو: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن, إمام الفقهاء, وأعلم الأمة بالحلال والحرام, شهد بيعة العقبة، والمشاهد كلها, وكان ممن جمع القرآن, بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد غزوة تبوك قاضيا لأهل اليمن، وقدم المدينة في خلافة أبي بكر, توفي في غزو الشام عام طاعون عمواس ١٨ هـ. ينظر: معرفة الصحابة ٥/ ٢٤٣١, تاريخ دمشق ٥٨/ ٣٨٣, سير أعلام النبلاء ١/ ٤٤٣.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٢٩١ رقم ٩١٠٨, كتاب الصيام، من كان يدعو بغدائه فلا يجد فيفرض الصوم.

<<  <   >  >>