للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي ذلك عن: عبد الرحمن بن عَوف (١) , وعبد الله بن عمر, وابن عباس -في رواية-, وأبي هريرة رضي الله عنهم (٢).

سبب الخلاف: يرجع سبب اختلافهم في هذه المسألة إلى أمرين والله أعلم:

السبب الأول: اختلافهم هل المسافر مخاطب بالصيام في قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، أي في الآية إضمارا، أم لا؟ (٣).

السبب الثاني: هل صيام رمضان في السفر منسوخ أم لا؟ .

أدلة القول الأول: القائلين بجواز الصوم والإفطار في السفر.

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٤).

وجه الاستدلال من الآية: أن الخطاب عام للمسافر والمقيم (٥).

الدليل الثاني: قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} (٦).

وجه الاستدلال: أن الله افترض صيام الأيام الثلاثة لمن لم يجد (الهَدْي) (٧) حال كونه في سفر الحج؛ لأن المخاطبين هنا هم الغرباء؛ وذلك لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (٨).


(١) هو: عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث، أبو محمد القرشي الزهري, من كبار الصحابة، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة, وأحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة فيهم, أسلم قديما، وهاجر الهجرتين، وشهد المشاهد, توفي بالمدينة سنة ٢٢ هـ, وقيل غير ذلك. ينظر: الطبقات الكبرى ٣/ ١٢٥, معرفة الصحابة ١/ ١١٦, وتهذيب الكمال ١٧/ ٣٢٤.
(٢) ينظر: مصنف ابن أبي شيبة ٢/ ٢٨١ - ٢٨٢، الإشراف لابن المنذر ٣/ ١٤٢، المجموع ٦/ ٢٦٤، المحلى ٤/ ٤٠٣ - ٤٠٤، بدائع الصنائع ٢/ ٩٥.
(٣) ينظر: مناهج التحصيل ٢/ ٨، وبداية المجتهد ٢/ ٥٧.
(٤) سورة البقرة: آية: ١٨٥.
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي ٣/ ٩١.
(٦) سورة البقرة: آية: ١٩٦.
(٧) الهَدْي: اسم لما يهدى أي يُنقَل، وهو ما يُنقَل للذبح من النَعَم إلى الحَرَم. ويكون من الإبل والبقر والغنم. ينظر: طلبة الطلبة ص ٣٥، التعريفات للجرجاني ص ٢٥٦.
(٨) ينظر: تفسير مجاهد ص: ٢٢٨, وتفسير الطبري ٣/ ١١٠, والمحلى ٤/ ٤٠١.

<<  <   >  >>