للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: عن عائشة - رضي الله عنها - أن حمزة بن عمرو الأَسْلمي (١) - رضي الله عنه - قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أصوم في السفر؟ - وكان كثير الصيام -، قال: «إن شئت فصم وإن شئت فأفطر» (٢).

وجه الاستدلال: أن هذا الحديث نص في إثبات الخيار للمسافر في الصوم والإفطار (٣).

وفيه دليل على جواز صيام الفرض والنفل في السفر؛ لأن سؤال حمزة بن عمرو - رضي الله عنه - عام، فإذا خرج الجواب مطلقا حمل على عمومه، ولا يُخص صوم دون صوم إلا بدليل (٤).

الدليل الرابع: وعنه - رضي الله عنه - أيضا قال: يا رسول الله، أجد بي قوة على الصيام في السفر، فهل عليَّ جُناح (٥)؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هي (رخصة) (٦) من الله، فمن أخذ بها، فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه» (٧).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الفطر في السفر رخصة، وهذا يُشعِر بأن حمزة - رضي الله عنه - سأل عن صيام الفريضة؛ وذلك إن الرخصة إنما تطلق في مقابلة ما هو واجب (٨).

الدليل الخامس: وعنه - رضي الله عنه - أيضا, قال: يا رسول الله، إني صاحب ظَهْر (٩) أُعَالِجه (١٠) أسافر عليه، وأكريه، وإنه ربما صادفني هذا الشهر يعني رمضان، وأنا أجد القوة، وأنا شاب، وأجد


(١) هو: حمزة بن عمرو بن عُوَيْمر بن الحارث الأسلمي المدني، صحابي روى عن: أبي بكر، وعمر, وعنه: ابنه محمد، وعائشة أم المؤمنين, وغيرهما. هو الذي بشر كعب بن مالك بتوبة الله عليه, توفي سنة ٦١ هـ. ينظر: الطبقات الكبرى ٤/ ٣١٥, معرفة الصحابة ٢/ ٦٨٠, تاريخ الإسلام ٢/ ٦٣٩.
(٢) متفق عليه: رواه البخاري ٣/ ٣٣ رقم ١٩٤٣, كتاب الصيام, باب الصوم في السفر والإفطار, واللفظ له, ومسلم ٢/ ٧٨٩ رقم ١١٢١, كتاب الصيام, باب التخيير في الصوم والفطر في السفر.
(٣) ينظر: عون المعبود ٧/ ٢٩.
(٤) ينظر: المنتقى للباجي ٢/ ٥٠.
(٥) الجُناح: أي الإثم والتضييق. ينظر: مشارق الأنوار ١/ ١٥٥، ومعجم لغة الفقهاء ١/ ١٦٧.
(٦) الرخصة في اللغة: هي اليسر والسهولة، وفي الشرع: صرف الأمر من عسر إلى يسر بسبب عذر في المكلف. ينظر: أصول الشاشي ص ٣٨٥.، ومعجم مقاييس اللغة ٢/ ٥٠٠.
(٧) رواه مسلم ٢/ ٧٩٠ رقم ١١٢١, كتاب الصيام, باب التخيير في الصوم والفطر في السفر.
(٨) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٨٠، وعمدة القاري ١١/ ٤٥.
(٩) الظَهْر: الإبل التي يحمل عليها ويركب. ينظر: النهاية ٣/ ١٦٦, لسان العرب ٤/ ٥٢٢.
(١٠) أُعَالجه: أي: أزاوله، وأمارسه وأكاري عليه. النهاية ٣/ ٢٨٦، تاج العروس ٦/ ١٠٨.

<<  <   >  >>