للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسا: وأما استدلالهم بحديث: «الصائم في السفر كالمفطر في الحضر» فيجاب عنه:

أن المحفوظ عن أبي سلمة عن أبيه موقوفا، ومع وقفه فهو (مُنْقَطع) (١)؛ لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه. وعلى تقدير صحته فهو محمول على الحالة التي يكون الفطر فيها أولى من الصوم، حالة المشقة؛ جمعا بين الأدلة (٢).

سادسا: وأما استدلالهم بحديث: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة»، فيجاب عنه:

بأنه مختلف في صحته، وعلى التسليم بصحته: فإن الوضع لا يستلزم عدم صحة الصوم في السفر (٣)، بل المقصود: وضع الوجوب؛ بدليل بقية الحديث (٤)؛ لأن الحامل والمرضع إذا صامتا رمضان أجزأهما، ولا يكونان كمن صام قبل وجوب الصوم عليه، بل وجوب الصيام ثابت في حقهما بدخول شهر رمضان، وجُعل لهما تأخير الصيام إن شاءا ذلك، والمسافر في ذلك مثلهما (٥).

وأما ما قاله الظاهرية: من التفريق بين صيام رمضان، وصيام غيره من الواجبات أو النوافل في السفر، بأن منعوا الأول، وأجازوا الثاني:

فهو تفريق لا دليل عليه، بل الأدلة الصحيحة الصريحة قد دلت على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام - رضي الله عنهم - صاموا في شهر رمضان، واستمر الصحابة على ذلك بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سبق في أدلة الجمهور.

والله تعالى أعلم.


(١) المُنْقَطع: لغة: هو اسم فاعل من "الانقطاع" ضد الاتصال. واصطلاحا: ما لم يتصل إسناده، على أي وجه كان انقطاعه. ينظر: شمس العلوم ٨/ ٥٥٦٠، تيسير مصطلح الحديث ص ٩٤.
(٢) ينظر: المجموع ٦/ ٢٦٤، وبدائع الصنائع ٢/ ٩٥، وفتح الباري ٤/ ١٨٤، ونيل الأوطار ٤/ ٢٦٧.
(٣) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٦٧.
(٤) ينظر: التوضيح لابن الملقن ١٣/ ٣٤٣.
(٥) ينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب ١/ ٣٩٧.

<<  <   >  >>