للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبب الخلاف: قال ابن رشد: "والسبب في اختلافهم: معارضة المفهوم من ذلك لظاهر بعض المنقول، ومعارضة المنقول بعضه لبعض" (١).

أدلة القول الأول: القائلين بأن الصيام أفضل.

الدليل الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} , إلى قوله: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٢).

وجه الاستدلال: فقد دلت الآيات على أن الصوم (عزيمة) (٣)، والإفطار رخصة، ولا شك في أن العزيمة أفضل، كما تقرر في الأصول (٤).

الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٥).

وجه الاستدلال: عموم الآية يدل على أن الصيام أفضل.

الدليل الثالث: عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان في يوم شديد الحر، حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعبد الله بن رواحة» (٦).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صام هذا اليوم وهو مسافر، وفعله - صلى الله عليه وسلم - هو الأفضل (٧).


(١) بداية المجتهد ٢/ ٥٨، وينظر: التنبيه لابن بشير ٢/ ٧٢٧، ومناهج التحصيل ٢/ ٨٠.
(٢) سورة البقرة: آية: ١٨٣ - ١٨٥.
(٣) العزيمة: في اللغة: من العزم وهو الأمر الجازم الذي لا تردد فيه. ينظر النهاية ٣/ ٤٦٠. وفي الشرع: عبارة عن ما لزم المكلفين من حقوق الله تعالى بأسبابها من العبادات، والحل والحرمة، أصلاً؛ بحق أنه إلهنا ونحن عبيده. ينظر: تقويم الأدلة ص ٨١، والمستصفى ص ٧٨.
(٤) ينظر: المبسوط ٣/ ٩٢، والإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٤٣، وبداية المجتهد ٢/ ٥٨، وكفاية النبيه ٦/ ٢٨٧، وتقويم الأدلة ص ٨١.
(٥) سورة البقرة: آية: ١٨٤.
(٦) سبق تخريجه صفحة (١٩٧).
(٧) ينظر: التوضيح لابن الملقن ١٣/ ٣٣٥.

<<  <   >  >>