للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال من وجوه:

الأول: أن تحديد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لرخصة المسح في السفر بثلاثة أيام يلزم منه، أن تكون هذه المدة هي المعيار الشرعي في السفر لكل رخصة، سواء كانت: للمسح، أو للقصر، أو للفطر، أو لغير ذلك، بجامع مشقة السفر في كل.

الثاني: ولأنه لا يُتصَور أن يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليها، ومدة السفر أقل من هذه المدة (١).

الثالث: ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لكل مسافر أن يمسح ثلاثة أيام ولياليهن، لأن (الألف واللام في المسافر لاستغراق الجنس) (٢)، فلو قلنا بأن مدة السفر أقل من ثلاثة أيام ولياليهن لم تعم الرخصة لكل مسافر (٣).

الدليل الثاني: عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي مَحْرم (٤)» (٥).

وجه الاستدلال: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - منع المرأة من السفر خلال هذه المدة إلا إذا كان معها زوجها أو محرم، وتعليقه - صلى الله عليه وسلم - هذا الحكم بمدة الثلاثة أيام يُفهَم منه أن سفر الثلاثة أيام هو الذي ينصرف إليه اسم السفر عند الإطلاق، فينبغي أن يُقيَّد به (٦).

الدليل الثالث: ولأن وجوب إتمام الصلاة وكذا وجوب الصيام كان ثابتا بدليل مقطوع به، فلا يجوز رفعه إلا بمثله، وما دون الثلاث مختلف فيه، والثلاث مجمع عليه (٧) , فلا يجوز رفعه بما دون الثلاث (٨).


(١) ينظر: بدائع الصنائع ١/ ٩٤، وتبيين الحقائق ١/ ٢٠٩، المبسوط ١/ ٢٣٥.
(٢) لأنها من صيغ العموم. ينظر: إرشاد الفحول ١/ ٢٩١.
(٣) ينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب ١/ ٣٩٢.
(٤) المَحْرَم: ذَاتُ الرَّحِم فِي الْقَرَابَة، وهي مَن لَا يَحِلُّ لَه نِكَاحُهَا مِنَ الأَقارب كالأَب وَالِابْن وَالْعَمّ وَمَن يَجْرِي مَجْرَاهُم. ينظر: لسان العرب ١٢/ ١٢٣.
(٥) رواه البخاري ٢/ ٤٣ رقم ١٠٨٦, أبواب تقصير الصلاة, باب في كم يقصر الصلاة.
(٦) ينظر: رخصة الفطر في سفر رمضان مجلة الجامعة الإسلامية العدد: ٥٠ - ٥١ ص: ١٣٣. وينظر: بدائع الصنائع ١/ ٩٤.
(٧) ذكر الإجماع أيضا: ابن القطان في الإقناع في مسائل الإجماع ١/ ١٦٧.
(٨) ينظر: بدائع الصنائع ١/ ٩٤.

<<  <   >  >>