للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن لفظ السفر وإن جاء مطلقا في الكتاب الكريم، وفي السنة المطهرة، إلا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أوضح المراد منه، في منعه المرأة من السفر بدون زوج أو محرم مدة معينة، كما جاء في الأحاديث التي ذُكرت (١).

فعُلِم من ذلك أن أدنى المسافة التي يطلق عليها لفظ السفر، هي مسيرة هذه المدة من الزمن.

وقد فهم الصحابة الكرام هذا المعنى: فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «إذا سافرتَ يوما إلى العشاء فأَتِمَّ الصلاة, فإن زِدتَ فاقصُر» (٢).

ثالثا: وأما استدلالهم بحديث أنس ¢, فيجاب عنه:

أنه ليس معناه أن غاية سفره - صلى الله عليه وسلم - كانت ثلاثة أميال أو فراسخ، بل معناه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر سفرا طويلا فتباعد ثلاثة أميال قصر (٣).

وذلك عند توجهه إلى مكة كما جاء في بعض طرق الحديث عند البخاري (٤).

فيكون مقدار الثلاثة أميال أو الثلاثة فراسخ الواردة في حديث أنس - رضي الله عنه - هي بداية القصر، وليست هي مقدار المسافة التي تناط بها الرخصة (٥).

رابعا: وكذا يجاب عن فعل عمر - رضي الله عنه - (٦).

خامسا: وأما استدلالهم بحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر فرسخا قصر الصلاة» , فيجاب عنه:

أنه حديث لا يصح (٧).


(١) ينظر: بدائع الصنائع ١/ ٩٣.
(٢) رواه عبد الرزاق في المصنف ٢/ ٥٢٤ رقم ٤٢٩٩, كتاب الصلاة باب في كم يقصر الصلاة, واللفظ له, وابن أبي شيبة ٢/ ٢٠١ رقم ٨١٣٥, كتاب الصلوات, في مسيرة كم يقصر الصلاة.
(٣) ينظر: المجموع ٤/ ٣٢٩.
(٤) صحيح البخاري: برقم ١٧١٤ كتاب: الحج، باب: نحر البدن قائمة.
(٥) ينظر: التوضيح لابن الملقن ٨/ ٤٧٦ - ٤٧٧، إكمال المعلم ٣/ ١٤، ونيل الأوطار ٣/ ٢٤٥.
(٦) ينظر: الاستذكار ٢/ ٢٤١.
(٧) قال ابن عبد البر: "فيه أبو هارون العبدي متروك". ينظر: الاستذكار ٢/ ٢٣٩.

<<  <   >  >>