للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبه قال: مالك في رواية ابن القاسم (١) (٢)، وهو المشهور من المذهب (٣).

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم راجع إلى أمرين:

السبب الأول: هل الصوم في السفر يكون كجزء واحد لا يتجزأ، فلا يصح الإفطار، أو كل جزء منه قائم بنفسه، فيكون السفر مبيحا للفطر في كل وقت (٤).

السبب الثاني: هل فطر النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفره بعد أن بيت الصيام هو دليل على الإباحة عموما، أو هو دليل على الإباحة للمضطر دون المختار؟ (٥).

أدلة القول الأول: القائلين بأنه يجوز له الفطر.

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٦).

وجه الاستدلال: أن الله قد أباح للمسافر الفطر، ولم يفرق بين من كان قد نوى الصيام في سفره ذلك ثم أفطر، وبين من كان قد نوى فطر ذلك اليوم.

الدليل الثاني: عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى مكة في رمضان فصام، حتى بلغ الكَديد أفطر، فأفطر الناس» (٧).

الدليل الثالث: عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام؟ فقال: «أولئك العصاة! أولئك العصاة! » (٨).


(١) هو: عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العُتَقي, مولى زيد بن الحارث العتقي, من كبار المصريين وفقهائهم, روى عن: الإمام مالك, والليث, وابن الماجشون, وروى عنه: أصبغ, وسحنون, وخرج له البخاري في صحيحه, وعنه رويت أقوال الإمام مالك في المدونة, توفي بمصر سنة ١٩١ هـ. ينظر: الديباج المذهب ١/ ٤٦٥, سير أعلام النبلاء ٩/ ١٢٠, الأعلام ٣٢٣.
(٢) المدونة ١/ ٢٧٢، الكافي ١/ ٣٣٨، الذخيرة ٢/ ٥١٣، المنتقى ٢/ ٥٠.
(٣) نص عليه خليل في التوضيح ٢/ ٤٤٦.
(٤) ينظر: التنبيه على مبادئ التوجيه ٢/ ٧٣٠.
(٥) ينظر: مناهج التحصيل ٢/ ٨٧.
(٦) سورة البقرة: آية: ١٨٥
(٧) سبق تخريجه صفحة (٢٠٠).
(٨) سبق تخريجه صفحة (٢٠٠).

<<  <   >  >>