للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الثاني: جواز الفطر لمن سافر بعد الفجر؛ وذلك لقوة ما استدل به أصحاب هذا القول؛ ولأن النصوص الدالة على إباحة الفطر للمسافر مطلقة (١).

ولأنه عمل الصحابة الكرام - رضي الله عنهم -، ولعدم وجود دليل صحيح صريح يحرم فطر من سافر بعد الفجر.

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فيجاب عنه:

أن الخطاب في الآية موجه للمقيم، وهذا مسافر.

ثانيا: وأما قولهم: أخذا بالاحتياط، فيجاب عنه:

أن الاحتياط هو ما دلت عليه السُنَّة, وليس الاحتياط هو الأخذ بالأشد, قد يكون الأخذ بالأيسر هو الاحتياط. فالاحتياط موافقة الشرع، ولا يمكن التضييق على المكلفين وتحريم ما أحل الله لهم بغير دليل (٢).

ثالثا: وأما قياسهم الصيام على الصلاة فيجاب عنه: أن الصيام يفارق الصلاة؛ لأنها آكد, فالمسافر يشق عليه الصيام ولا يشق عليه إتمام الصلاة، والمسافر يجوز له الانتقال من الصوم إلى الفطر بينما لا يجوز للمصلي متى وجب إتمام الصلاة عليه أن يقصرها (٣).

والله أعلم.


(١) ينظر: ذخيرة العقبة ٢١/ ٢١٢.
(٢) ينظر: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ١٩/ ٢٠٧.
(٣) ينظر: المغني ٣/ ١١٧، والمبدع ٣/ ١٥.

<<  <   >  >>