للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال النووي: "قال أصحابنا والفصد كالحجامة" (١).

وقال الحطاب (٢) -بعد قول المصنف (٣): "وحجامة مريض فقط"-: "ومثلها الفصادة" (٤).

وأما أدلة الحنابلة التي جعلتهم يفرقون بين الحجامة والفصد فهي:

أولا: لأن الحجامة ورد فيها النص بأنها تُفطِّر، وأما الفصد فلا نص فيه.

ثانيا: ولأنه لا يمكن إثبات قياس الفصد على الحجامة في الإفطار؛ لجواز أن يكون في الحجامة معنى اختصها دون غيرها.

ثالثا: ولأن الدم الخارج من البدن، منه ما يُفطِّر؛ كدم الحيض والنفاس، ومنه ما لا يُفطِّر؛ كدم الاستحاضة. ومنه ما يُستخرَج كدم الحجامة والفصد، فيجوز أن يكون دم الحجامة مُفطِّرا، ودمُ الفصد غير مُفطِّر.

قال ابن تيمية -مُقَرِّرا لهذا الكلام-: "لأنه لا نص فيه (أي الفصد) , ولا يمكن إثبات الحكم فيه قياسا؛ لجواز أن يكون في الحجامة معنى يَختَصُّه, ولأن الدم منه ما يخرج بنفسه وهو دم الحيض والاستحاضة والنِفاس، ومنه ما يخرج بالإخراج. ثم الأول يُفطِّر بعضُه دون بعض, فيجوز أن يكون الثاني كذلك" (٥).

وقال ابن عثيمين: "فالمذهب لا يُلحق (أي الفصد) بالحجامة؛ لأن الأحكام التَعبُّدية لا يقاس عليها" (٦).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن الفصد يفسد الصوم.


(١) المجموع ٦/ ٣٤٩.
(٢) هو: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي الرُّعيني، المعروف بالحطاب, الفقيه المالكي, أصله من المغرب, ولد واشتهر بمكة، ومات في طرابلس الغرب سنة ٩٥٤ هـ, من مصنفاته: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل؛ وشرح نظم نظائر رسالة القيرواني. ينظر: شجرة النور الزكية ١/ ٣٨٩, معجم المؤلفين ١١/ ٢٣٠, والأعلام ٧/ ٥٨.
(٣) المقصود بالمصنف هو خليل صاحب المختصر في الفقه المالكي.
(٤) مواهب الجليل في شرح خليل ٢/ ٤١٦.
(٥) شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٤٥٢.
(٦) الشرح الممتع ٦/ ٣٨٣. وينظر كلام الشاطبي عن القاعدة في الموافقات ٢/ ٥٣٩.

<<  <   >  >>