للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّل وهو صائم, ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لإربه» (١).

وجه الاستدلال: فمعنى كلام أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: أنه ينبغي لكم الاحتراز عن القُبلة والمباشرة، ولا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثله - صلى الله عليه وسلم - في استباحتها؛ لأنه يملك نفسه ويأمن الوقوع في قُبلةٍ أو مباشرة يتولد منها إنزال أو شهوة أو هيجان نفس ونحو ذلك، وأنتم لا تأمنون ذلك فطريقكم الانكفاف عنها (٢).

قال العراقي (٣): "واحتج من كره مطلقا: بأن غيره? لا يساويه في حفظ نفسه عن المواقعة بعد ميله إليها، فكان ذلك أمرا خاصا به" (٤).

الدليل الثالث: عن الأسود (٥)، قال: قلت لعائشة - رضي الله عنها -: أيباشر الصائم؟ ، يعني امرأته، ؟ قالت: لا، قلت: أليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان يباشر وهو صائم؟ قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أملكُكُم لإِرْبه» (٦).


(١) رواه البخاري ٢/ ٦٨٠ رقم ١٨٢٦, في الصوم باب المباشرة للصائم, ومسلم ٢/ ٧٧٦ رقم ١١٠٦, في الصيام باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته, واللفظ له.
(٢) ينظر: شرح مسلم النووي ٧/ ٢١٧, وشرح الزرقاني للموطأ ٢/ ٢٤٤, وعون المعبود ٧/ ٨.
(٣) هو: زين الدين عبد الرحيم بن حسين، أبو الفضل العراقي الكردي, المحدث الشافعي. طلب العلم عن جماعة منهم: العز بن جماعة, وابن التركماني, وغيرهما. تتلمذ عليه: ابنه أبو زرعة، والهيثمي، وابن حجر, وغيرهم. توفي بالقاهرة ٨٠٦ هـ, من مؤلفاته: الألفية في علوم الحديث، تخريج أحاديث إحياء علوم الدين. ينظر: طبقات الشافعية ٤/ ٢٩, وحسن المحاضرة ١/ ٣٦٠, الأعلام ٣/ ٣٤٤.
(٤) طرح التثريب ٤/ ١٣٨.
(٥) هو: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، أبو عمرو الفقيه الحافظ المخضرم, كان عالم الكوفة في عصره, روى عن: أبي بكر, وعمر, وعلي, وابن مسعود, وغيرهم. وعنه ابنه: عبد الرحمن, وأخوه عبد الرحمن, وابن أخته إبراهيم بن يزيد النخعي, وغيرهم, توفي سنة ٧٥ هـ. ينظر: الطبقات الكبرى ٦/ ٧٠, سير أعلام النبلاء /٥٠, تهذيب التهذيب ١/ ٣٤٣.
(٦) رواه أحمد ٤١/ ٤٣٤ رقم ٢٤٩٦٥, واللفظ له, وقال محققه الأرنؤوط: "صحيح", والنسائي في السنن الكبرى ٣/ ٣٠٩ رقم ٣٠٩٦, في المباشرة للصائم, والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٣٩٢ رقم ٨٠٩١, في الصيام باب كراهية القبلة لمن حركت شهوته, وينظر إرواء الغليل ٤/ ٨٠ رقم ٩٣٤.

<<  <   >  >>