للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفُهِم من تعليله - صلى الله عليه وسلم - أن الحكم دائر مع تحريك الشهوة، والتعبير بالمعنى المذكور، أي: بالشيخ والشاب، جرى على الغالب من أحوال الشيوخ في انكسار شهوتهم، وأحوال الشباب في قوتها، فلو انعكس الأمر انعكس الحكم (١).

الدليل الثالث: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لا بأس للشيخ أن يباشر» , يعني: وهو صائم (٢).

الدليل الرابع: عن وَبَرة (٣)، قال: «جاء رجل إلى ابن عمر - رضي الله عنه - قال: أباشر امرأتي وأنا صائم؟ فقال: لا، ثم جاءه آخر, فقال: أباشر امرأتي وأنا صائم؟ قال: نعم، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن، قلتَ لهذا: نعم، وقلت لهذا: لا، فقال: إن هذا شيخ، وهذا شاب» (٤).

وجه الاستدلال: أن ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهما - قد أباحا المباشرة للشيخ؛ وذلك لما عَلِما من أن الشيخ يملك نفسه عند المباشرة بعكس الشاب.

الدليل الخامس: ولأنها مباشرة لغير شهوة؛ فأشبهت لَمْس اليد لحاجة (٥).

أدلة القول الثاني: القائلين تكره المباشرة للصائم.

الدليل الأول: قول الله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٦).

وجه الاستدلال: أن الله عز وجل منع المباشرة في هذه الآية في نهار رمضان. والمباشرة أن تلاقي البشَرَةُ البشرةَ على وجه الاستمتاع, وهو أعم من الجماع (٧).


(١) ينظر: شرح الزرقاني للموطأ ٢/ ٢٤٥, وطرح التثريب ٤/ ١٣٧, وإرشاد الساري ٣/ ٣٦٨.
(٢) رواه ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٣١٧ رقم ٩٤٣٢، كتاب الصيام باب ما ذكر في المباشرة للصائم.
(٣) هو: وَبَرة بن عبد الرحمن المُسليُّ, أبو خزيمة الكوفي الثقة, سمع: ابن عمر, وسعيد بن جبير, وروى عنه: بيان بن بشر, ومسعر, توفي سنة ١١٦ هـ. ينظر: تاريخ الإسلام ٣/ ٣٣٣, تهذيب الكمال ٣٠/ ٤٢٦, تهذيب التهذيب ١١/ ١١١.
(٤) رواه ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٣١٧ رقم ٩٤٣٢، كتاب الصيام, باب ما ذكر في المباشرة للصائم.
(٥) ينظر: المغني ٣/ ١٢٨.
(٦) سورة البقرة: آية: ١٨٧.
(٧) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٤٨٧، فتح الباري ٤/ ١٥٠، ونيل الأوطار ٤/ ٢٥١.

<<  <   >  >>