للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أنه سئل: أتباشر وأنت صائم؟ قال: «نعم، وآخذ بجهازها» (١).

الدليل الخامس: عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: «أنه كان يباشر امرأته بنصف النهار، وهو صائم» (٢).

أدلة القول الرابع: القائلين تستحب المباشرة للصائم.

الدليل الأول: قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} (٣).

وجه الاستدلال: أن الآية نصت أن المؤمن الحق هو من جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أسوته وقدوته في أفعاله وأقواله، ومما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - مباشرته زوجاته في يوم الصيام؛ فكان من السنة فعل ذلك.

الدليل الثالث: واستدل ابن حزم بالأحاديث والآثار التي استدل بها أصحاب القول الثالث القائلين بإباحة المباشرة مطلقا، وحملها على الاستحباب.

قال ابن حزم: "وإذ قد صَحَّ أن القُبلة والمباشرة مستحبتان في الصوم، وأنه لم ينه الصائم في امرأته عن شيء إلا الجماع: فسواء تعمد الإمناء في المباشرة، أو لم يتعمد، كل ذلك مباح لا كراهة في شيء من ذلك؛ إذ لم يأت بكراهيته نص ولا إجماع، فكيف إبطال الصوم به! " (٤).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: التفريق بين من يملك نفسه، ومن لا يملك نفسه؛ وذلك أن كثيرا من الأحاديث التي ذكرت هي موضع اشتراك في الاحتجاج بها بين أصحاب الأقوال المذكورة، إلا أن التفصيل المذكور في أدلة القول الأول يقوي دلالتها


(١) رواه ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٣١٧ رقم ٩٤٢٩, في الصيام باب ما ذكر في المباشرة للصائم, والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ٩٥ رقم ٣٣٩٧, في الصيام باب القبلة للصائم, وذكره ابن حزم في المحلى ٤/ ٣٤٦, وصححه, وقال الألباني في السلسلة الصحيحة ١/ ٤٣٧: "سنده صحيح على شرط مسلم".
(٢) رواه عبد الرزاق في مصنفه ٤/ ١٩٠ رقم ٧٤٤٢, في الصيام, باب مباشرة الصائم, وابن أبي شيبة ٢/ ٣١٧ رقم ٩٤٣٠, في الصيام, باب ما ذكر في المباشرة للصائم, والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٣٩٥ رقم ٨١٠٧, في الصيام, باب وجوب القضاء على من قبل فأنزل, وقال ابن حزم في المحلى ٤/ ٣٤٦: "وهذه أصح طريق عن ابن مسعود", وقال الألباني في السلسلة الصحيحة ١/ ٤٣٦: "سند صحيح على شرطهما".
(٣) سورة الأحزاب: آية: ٢١.
(٤) المحلى ٤/ ٣٤٧.

<<  <   >  >>