للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخامس: أنه يحرم إزالة دم الشهيد عنه، فكان القياس أن يحرموا إزالة الخلوف لا كراهته. ولا قائل به منهم.

فإن قيل: فما المقصود من حديث الخُلوف؟ فيجاب:

أن حديث الخُلوف فائدته عظيمة بديعة، وهي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما مدح الخلوف نهيا للناس عن تقذر مكالمة الصائمين بسبب الخلوف، لا نهيا للصائمين عن السواك. فعُلِم أنه لم يُرد بالنهي بقاء الرائحة, وإنما أراد نهي الناس عن كراهتها، وهذا التفسير أولى؛ لأن فيه إكرام الصائم، ولا تعرض فيه للسواك (١).

قال العّز ابن عبد السلام (٢): "إن السواك نوع من التطهر المشروع لإجلال الرب سبحانه وتعالى؛ لأن مخاطبة العظماء مع طهارة الأفواه تعظيم لا شك فيه، ولأجله شرع السواك، وليس في الخُلوف تعظيم ولا إجلال، فكيف يقال إن فضيلة الخلوف تَرْبو (٣) على تعظيم ذي الجلال بتطييب الأفواه؟ " (٤).

والله أعلم.


(١) ينظر: شرح الزرقاني على الموطأ ٢/ ٣٠٠, وطرح التثريب ٤/ ١٠٠، وإرشاد الساري ٣/ ٣٧٤.
(٢) هو: أبو القاسم عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن الحسن السُّلَمي، أبو محمد الدمشقي, الملقب بسلطان العلماء, فقيه شافعي مجتهد, أصله من المغرب, خطيب الجامع الأموي, وقاضي القضاة بالديار المصرية, وتوفي بها سنة ٦٦٠ هـ, من تصانيفه: قواعد الأحكام في مصالح الأنام, والفتاوى، والتفسير الكبير. ينظر: طبقات الشافعية ٨/ ٢٠٩, تاريخ الإسلام ١٤/ ٩٣٣, الأعلام ٤/ ٢١.
(٣) تربوا: من رَبا يَرْبو، إذا زاد. لسان العرب ١٤/ ٣٠٥.
(٤) قواعد الأحكام في مصالح الأنام ١/ ٣٩.

<<  <   >  >>