للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن الصائم إذا وجد طعم الكحل فقد دخل (١).

الدليل الثالث: ولأنه أوصل إلى حلقه ما هو ممنوع من تناوله بفيه، فأفطر به؛ كما لو أوصله من أنفه (٢).

الدليل الرابع: ولأن الكحل الحادّ يصل إلى الجوف, ويظهر الكحل بعينه على اللسان إذا بَصَقَه الإنسان, فعُلِم أن في العين مَنْفَذا يصل منه. وإذا كان في العين مَنْفَذا وصل بالداخل منه كسائر المنافذ. وأيضا فإن الدَمْع يخرج من العين, والدَمْعُ محله الدماغ, فعُلِم أن في العين منافذ ينزل منها الدمع (٣).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يجوز الكحل للصائم بلا كراهة؛ لأن الأحاديث التي استدل بها أصحاب هذا القول على جواز اكتحال الصائم، وإن كان لا يخلو واحد منها من كلام، لكنها يقوي بعضها بعضا, وتنتهض بمجموعها للاحتجاج على جواز الاكتحال للصائم، مع ما صح عن أنس بن مالك ¢ من فعله, إضافة إلى أنه ليس هناك في كراهة الكحل حديث صحيح أو حسن (٤).

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث معبد بن هوذة فيجاب عنه:

أنه حديث لا يصح, وليس هناك ما يقويه (٥).

ثانيا: وأما استدلالهم بأثر ابن عباس: «الفطر مما دخل، والوضوء مما خرج»، فيجاب عنه:

أن المراد بالدخول دخول شيء بعينه من منفذ إلى جوف البطن أي المعدة، لا وصول أثر شيء من المسامات إلى الباطن، ولذا لا يفطر تدهين الرأس وشم العطر، وليس للعين منفذ إلى جوف البطن (٦).


(١) ينظر تحفة الأحوذي ٣/ ٣٤٩.
(٢) ينظر: المغني ٣/ ١٢٢، الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٣٨.
(٣) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٣٨٩.
(٤) ينظر: تحفة الأحوذي ٣/ ٣٤٨، ومرعاة المفاتيح ٦/ ٥٢٣.
(٥) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٤٣، والتوضيح لابن الملقن ١٣/ ٢١٢.
(٦) ينظر: تحفة الأحوذي ٣/ ٣٤٩، ومرعاة المفاتيح ٦/ ٥٢٢.

<<  <   >  >>